للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحِلُّ لَهُ إذَا أَنْكَرَهُ، وَالسَّلَفُ يَنْفَسِخُ بَعْدَ أَنْ يَتَصَالَحَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَادَقَا فِي السِّلْعَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ فَقَالَ الْمُسَلَّفُ هُوَ إلَى سَنَةٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ إلَى سَنَتَيْنِ حَلَفَ الْبَائِعُ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ رَضِيَ، وَإِلَّا حَلَفَ وَتَفَاسَخَا فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي هَذَا كُلِّهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ رَدَّ مِثْلَهَا أَوْ طَعَامًا رَدَّ مِثْلَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ رَدَّ قِيمَتَهُ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ سَلَّفَهُ سِلْعَةً غَيْرَ مَكِيلَةٍ، وَلَا مَوْزُونَةٍ فَفَاتَتْ رَدَّ قِيمَتَهَا قَالَ: وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي بُيُوعِ الْأَعْيَانِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُك عَبْدًا بِأَلْفٍ وَاسْتَهْلَكْت الْعَبْدَ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته مِنْك بِخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدْ هَلَكَ الْعَبْدُ تَحَالَفَا وَرَدَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ كَيْلٍ وَجَوْدَةٍ وَأَجَلٍ قَالَ، وَلَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ وَالْأَجَلِ فَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ يَمْضِ مِنْ الْأَجَلِ شَيْءٌ أَوْ قَالَ مَضَى مِنْهُ شَيْءٌ يَسِيرٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ قَدْ مَضَى كُلُّهُ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا يَنْفَسِخُ بَيْعُهُمَا فِي هَذَا مِنْ قِبَلِ تَصَادُقِهِمَا عَلَى الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرَى وَالْأَجَلِ فَأَمَّا مَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت إلَى شَهْرٍ وَيَقُولُ الْبَائِعُ بِعْتُك إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَا يَفْسَخُ الْعُقْدَةَ وَالْأَوَّلَانِ لَمْ يَخْتَلِفَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَرَجُلٍ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا سَنَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ الْأَجِيرُ: قَدْ مَضَتْ، وَقَالَ الْمُسْتَأْجِرُ: لَمْ تَمْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَلَى الْأَجِيرِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِشَيْءٍ يَدَّعِي الْمَخْرَجَ مِنْهُ.

بَابُ السَّلَفِ فِي السِّلْعَةِ بِعَيْنِهَا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ سَلَّفَ رَجُلٌ رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَقْبِضَ السِّلْعَةَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ السَّلَفُ فَاسِدًا، وَلَا تَجُوزُ بُيُوعُ الْأَعْيَانِ عَلَى أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَى بَائِعِهَا بِكُلِّ حَالٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْ فَوْتِهَا، وَلَا بِأَنْ لَا يَكُونَ لِصَاحِبِهَا السَّبِيلُ عَلَى أَخْذِهَا مَتَى شَاءَ هُوَ لَا يَحُولُ بَائِعُهَا دُونَهَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثَمَنَهَا، وَكَانَ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَإِنْ قَلَّ فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي قَدْ اشْتَرَى غَيْرَ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ بِصِفَةٍ مَوْجُودَةٍ بِكُلِّ حَالٍ يُكَلِّفُهَا بَائِعُهَا، وَلَا مَلَّكَهُ الْبَائِعُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ يَتَسَلَّطُ عَلَى قَبْضِهِ حِينَ وَجَبَ لَهُ، وَقَدَرَ عَلَى قَبْضِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَا يَتَكَارَى مِنْهُ رَاحِلَةً بِعَيْنِهَا مُعَجَّلَةَ الْكِرَاءِ عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ وَيُصِيبُهَا مَا لَا يَكُونُ فِيهَا رُكُوبٌ مَعَهُ، وَلَكِنْ يُسَلِّفُهُ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ حُمُولَةً مَعْرُوفَةً وَبُيُوعُ الْأَعْيَانِ لَا تَصْلُحُ إلَى أَجَلٍ إنَّمَا الْمُؤَجَّلُ مَا ضَمِنَ مِنْ الْبُيُوعِ بِصِفَةٍ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك جَارِيَتِي هَذِهِ بِعَبْدِك هَذَا عَلَى أَنْ تَدْفَعَ إلَيَّ عَبْدَك بَعْدَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ وَيَتْلَفُ وَيَنْقُصُ إلَى شَهْرٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفَسَادُ هَذَا خُرُوجُهُ مِنْ بَيْعِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَا وَصَفْت وَأَنَّ الثَّمَنَ فِيهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ مَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ تَرَكَ قَبْضَهُ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحُولَ دُونَهُ قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ أَبِيعَك عَبْدِي هَذَا أَوْ أَدْفَعَهُ إلَيْك بِعَبْدٍ مَوْصُوفٍ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ بَعِيرٍ أَوْ بَعِيرَيْنِ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ خَشَبَتَيْنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مَوْصُوفًا مَضْمُونًا؛ لِأَنَّ حَقِّي فِي صِفَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا فِي عَيْنٍ تَتْلَفُ أَوْ تَنْقُصُ أَوْ تَفُوتُ فَلَا تَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ.

بَابُ امْتِنَاعِ ذِي الْحَقِّ مِنْ أَخْذِ حَقِّهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَّ حَقُّ الْمُسَلِّمِ وَحَقُّهُ حَالٌّ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَدَعَا الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>