للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلِذَلِكَ قَلَعَهُ، وَلَوْ بَنَاهَا بَعْدَ مَحِلِّ الْحَقِّ فَالْبُقْعَةُ لِرَاهِنِهَا وَالْعِمَارَةُ لِلَّذِي عَمَّرَ مَتَى أَعْطَى صَاحِبُ الْبُقْعَةِ قِيمَةَ الْعِمَارَةِ قَائِمَةً أَخْرَجَهُ مِنْهَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ بِغَيْرِ قِيمَةِ الْعِمَارَةِ؛ لِأَنَّ بِنَاءَهُ كَانَ بِإِذْنِهِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْ بِنَائِهِ بِإِذْنِ رَبِّ الْبُقْعَةِ إلَّا بِقِيمَتِهِ قَائِمًا، وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ الْمَتَاعَ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ مَا اشْتَرَيْت مِنْك أَوْ اشْتَرَى مِنْك فُلَانٌ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ عَلَى الْأَبَدِ فَهَذَا الْمَتَاعُ مَرْهُونٌ بِهِ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ، وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ حَتَّى يَكُونَ مَعْلُومًا بِحَقٍّ مَعْلُومٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ رَهْنًا بِعَشَرَةٍ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ: كُلُّ مَا كَانَ لَك عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ فَهَذَا الْمَتَاعُ مَرْهُونٌ بِهِ مَعَ الْعَشَرَةِ أَوْ كُلُّ مَا صَارَ لَك عَلَيَّ مِنْ حَقٍّ فَهَذَا مَرْهُونٌ لَك بِهِ كَانَ رَهْنًا بِالْعَشَرَةِ الْمَعْلُومَةِ الَّتِي قَبَضَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَكُنْ مَرْهُونًا بِمَا صَارَ لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى فُلَانٍ؛ لِأَنَّهُ كَانَ غَيْرَ مَعْلُومٍ حِينَ دَفَعَ الرَّهْنَ بِهِ فَإِنْ هَلَكَ الْمَتَاعُ فِي يَدَيْ الْمَدْفُوعِ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا أَوْ يَكُونَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ أَوْ بَعْدُ فَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَضْمَنُ الرَّهْنَ الصَّحِيحَ، وَلَا الْفَاسِدَ إذَا هَلَكَ، وَلَوْ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ دَارًا رَهَنَهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ ازْدَادَ مِنْهُ أَلْفًا فَجَعَلَ الدَّارَ رَهْنًا بِأَلْفَيْنِ كَانَتْ الدَّارُ رَهْنًا بِالْأَلْفِ الْأُولَى، وَلَمْ تَكُنْ رَهْنًا بِالْأَلْفِ الْآخِرَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِيعَتْ الدَّارُ فَبُدِّي الْمُرْتَهِنُ بِالْأَلْفِ الْأُولَى مِنْ ثَمَنِ الدَّارِ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِالْأَلْفِ الْآخِرَةِ فِي ثَمَنِ الدَّارِ وَفِي مَالٍ إنْ كَانَ لِلْغَرِيمِ سِوَاهَا فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصِحَّ لَهُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ رَهْنًا بِأَلْفَيْنِ فَسَخَ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ أَنْ تَكُونَ مَرْهُونَةً بِأَلْفَيْنِ، وَلَوْ رَهَنَهُ إيَّاهَا بِأَلْفٍ ثُمَّ تَقَارَّا عَلَى أَنَّهَا رَهْنٌ بِأَلْفَيْنِ أَلْزَمَتْهُمَا إقْرَارَهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْأَوَّلَ مَفْسُوخٌ وَتَجَدَّدَ فِيهَا رَهْنٌ صَحِيحٌ بِأَلْفَيْنِ.

وَإِذَا كَانَ الْإِقْرَارُ أَلْزَمْته صَاحِبَهُ قَالَ: وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مَا يَفْسُدُ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ غَدِهِ أَوْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ يَابِسًا مِثْلَ الْبَقْلِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْمَوْزِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ حَالًّا فَلَا بَأْسَ بِارْتِهَانِهِ وَيُبَاعُ عَلَى الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ إلَى أَجَلٍ يتباقى إلَيْهِ فَلَا يَفْسُدُ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ يَفْسُدُ إلَيْهِ الرَّهْنُ كَرِهْتُهُ، وَلَمْ أَفْسَخْهُ، وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ فَسْخِهِ أَنَّ لِلرَّاهِنِ بَيْعَهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْحَقِّ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَ الْحَقِّ حَقَّهُ بِلَا شَرْطٍ، وَإِنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يَمُوتُ مِنْ سَاعَتِهِ فَيُبَاعُ فَإِنْ تَشَارَطَا فِي الرَّهْنِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ إلَى أَنْ يَحِلَّ الْحَقُّ أَوْ أَنَّ الرَّاهِنَ إنْ مَاتَ لَمْ يَبِعْهُ إلَى يَوْمِ كَذَا، وَهُوَ يَفْسُدُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَالرَّهْنُ مَفْسُوخٌ.

وَلَوْ رَهَنَهُ مَا يَصْلُحُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِثْلَ اللَّحْمِ الرَّطْبِ يَيْبَسُ وَالرُّطَبُ يَيْبَسُ، وَمَا أَشْبَهَهُ كَانَ الرَّهْنُ جَائِزًا لَا أَكْرَهُهُ بِحَالٍ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ تَيْبِيسُهُ حَتَّى يَأْذَنَ بِذَلِكَ الرَّاهِنُ فَإِنْ سَأَلَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا بَيْعَ الرَّهْنِ خَوْفَ فَسَادِهِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لِلْمُرْتَهِنِ بِتَيْبِيسِ مَا يَصْلُحُ لِلتَّيْبِيسِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ، وَكَذَلِكَ كَرِهْت رَهْنَهُ، وَإِنْ لَمْ أَفْسَخْهُ.

زِيَادَةُ الرَّهْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا رَهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ الْجَارِيَةَ حُبْلَى فَوَلَدَتْ أَوْ غَيْرَ حُبْلَى فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ فَالْوَلَدُ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فِي رَقَبَةِ الْجَارِيَةِ دُونَ مَا يَحْدُثُ مِنْهَا، وَهَكَذَا إذَا رَهَنَهُ الْمَاشِيَةَ مَخَاضًا فَنَتَجَتْ أَوْ غَيْرَ مَخَاضٍ فَمَخَضَتْ وَنَتَجَتْ فَالنِّتَاجُ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَهَنَهُ شَاةً فِيهَا لَبَنٌ فَاللَّبَنُ خَارِجٌ مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ غَيْرُ الشَّاةِ (قَالَ الرَّبِيعُ): وَقَدْ قِيلَ اللَّبَنُ إذَا كَانَ فِيهَا حِينَ رَهَنَهَا فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>