للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ أُلْزِمْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْصِبُهُ نَفْسَهُ كَمَا وَصَفْت. قَالَ: وَلَوْ سُئِلَ فَقَالَ: لَمْ أَغْصِبْهُ شَيْئًا، وَلَا نَفْسَهُ لَمْ أُلْزِمْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ غَصَبَهُ شَيْئًا.

الْإِقْرَارُ بِغَصْبِ شَيْءٍ ثُمَّ يَدَّعِي الْغَاصِبُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ غَصَبَ الرَّجُلَ أَرْضًا ذَاتَ غَرْسٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ غَرْسٍ أَوْ دَارًا ذَاتَ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ بِنَاءٍ أَوْ بَيْتًا فَكُلُّ هَذَا أَرْضٌ وَالْأَرْضُ لَا تُحَوَّلُ، وَإِنْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ قَدْ يُحَوَّلُ، فَإِنْ قَالَ الْمُقِرُّ بِالْغَصْبِ بَعْدَ قَطْعِهِ الْكَلَامَ أَوْ مَعَهُ إنَّمَا أَقْرَرْت بِشَيْءٍ غَصَبْتُك بِبَلَدِ كَذَا فَسَوَاءٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَأَيُّ شَيْءٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَإِذَا ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ سِوَاهُ أَحْلَفَ الْغَاصِبَ مَا غَصَبَهُ غَيْرَ هَذَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، فَإِنْ مَاتَ الْغَاصِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَتِهِ فَإِنْ قَالُوا لَا نَعْلَمُ شَيْئًا قِيلَ لِلْمَغْصُوبِ ادَّعِ مَا شِئْت مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَإِذَا ادَّعَى قِيلَ لِلْوَرَثَةِ احْلِفُوا مَا تَعْلَمُونَهُ هُوَ، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئُوا، وَإِلَّا لَزِمَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ بَعْضَ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْغَاصِبُ، فَإِنْ نَكَلُوا حَلَفَ الْمَغْصُوبُ وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَى.

وَإِنْ أَبَى الْمَغْصُوبُ أَنْ يَحْلِفَ، وَلَا الْوَرَثَةُ وُقِفَ مَالُ الْمَيِّتِ حَتَّى يُعْطِيَهُ الْوَرَثَةُ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَا وَصَفْت أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ وَيَحْلِفُونَ مَا يَعْلَمُونَهُ غَصَبَهُ غَيْرَهُ، وَلَا يُسَلَّمُ لَهُمْ مِيرَاثُهُ إلَّا بِمَا وَصَفْت.، وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ قَالَ غَصَبْته دَارًا بِمَكَّةَ ثُمَّ قَالَ أَقْرَرْت لَهُ بِبَاطِلٍ وَمَا أَعْرِفُ الدَّارَ الَّتِي غَصَبْته إيَّاهَا قِيلَ إنْ أَعْطَيْته دَارًا بِمَكَّةَ مَا كَانَتْ الدَّارُ وَحَلَفْت مَا غَصَبْته غَيْرَهَا بَرِئْت، وَإِنْ امْتَنَعْت وَادَّعَى دَارًا بِعَيْنِهَا قِيلَ احْلِفْ مَا غَصَبْته إيَّاهَا فَإِنْ حَلَفْتَ بَرِئْت وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ حَلَفَ فَاسْتَحَقَّهَا، وَإِذَا امْتَنَعَ وَامْتَنَعْتَ مِنْ الْيَمِينِ حُبِسْت أَبَدًا حَتَّى تُعْطِيَهُ دَارًا وَتَحْلِفَ مَا غَصَبْته غَيْرَهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ مَتَاعًا يُحَوَّلُ. مِثْلُ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ غَصَبْتُك كَذَا بِبَلَدِ كَذَا بِكَلَامٍ مَوْصُولٍ وَكَذَّبَهُ الْمَغْصُوبُ وَقَالَ مَا غَصَبْتنِيهِ بِهَذَا الْبَلَدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِالْغَصْبِ إلَّا بِالْبَلَدِ الَّذِي سَمَّى فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَخَذَ بِأَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ مَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَفَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بَاعَهُ إيَّاهَا بِبَلَدٍ أُخِذَ بِهَا حَيْثُ طَلَبَهُ بِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ فَصُّ يَاقُوتٍ أَوْ زَبَرْجَدٍ أَوْ لُؤْلُؤٍ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ بِبَلَدٍ يُؤْخَذُ بِهِ حَيْثُ قَامَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ بِبَلَدٍ عَبْدًا أَوْ ثِيَابًا أَوْ مَتَاعًا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةً أَوْ حَيَوَانًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ فَلِحَمْلِ هَذَا وَمُشَابِهِهِ مُؤْنَةٌ جُبِرَ الْمَغْصُوبُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْتَضِيهِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ قَبَضَ قِيمَتَهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَتَهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهُ إيَّاهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي يُحَاكِمُهُ بِهِ، وَلَا أُكَلِّفُهُ لَوْ كَانَ طَعَامًا أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَهُ بِذَلِكَ الْبَلَدِ لِتَفَاوُتِ الطَّعَامِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا مَعًا فَأُجِيزُ بَيْنَهُمَا مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمِثْلُ هَذَا: الثِّيَابُ وَغَيْرُهَا مِمَّا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ. قَالَ وَمِثْلُ هَذَا: الْعَبْدُ يَغْصِبُهُ إيَّاهُ بِالْبَلَدِ، ثُمَّ يَقُولُ الْمُغْتَصِبُ قَدْ أَبَقَ الْعَبْدُ أَوْ فَاتَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَلَا يُجْعَلُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِذَا قَضَيْت لَهُ بِقِيمَةِ الْفَائِتِ مِنْهُ عَبْدًا كَانَ أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَمْ يَحِلَّ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَتَمَلَّكَ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْضِرَهُ سَيِّدَهُ الَّذِي غَصَبَهُ مِنْهُ، فَإِذَا أَحْضَرَهُ سَيِّدَهُ الَّذِي غَصَبَهُ مِنْهُ جَبَرْتُ سَيِّدَهُ عَلَى قَبْضِهِ مِنْهُ وَرَدِّ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ سَيِّدِهِ ثَمَنُهُ قُلْت لَهُ بِعْهُ إيَّاهُ بَيْعًا جَدِيدًا بِمَا لَهُ عَلَيْك إنْ رَضِيتُمَا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ مِلْكُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بِعْت الْعَبْدَ عَلَى سَيِّدِهِ، وَأَعْطَيْت الْمُغْتَصِبَ مِثْلَ مَا أُخِذَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ رَدَدْت عَلَى سَيِّدِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَضْلٌ فَلَا شَيْءَ يُرَدُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>