للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنْصِبَاءَكُمْ وَأَضْمَنُ لَكُمْ هَذِهِ الْمَكِيلَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَ الْبَيَاضُ بَيْنَ أَضْعَافِ النَّخْلِ جَازَ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ كَمَا يَجُوزُ فِي الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا عَنْ النَّخْلِ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُهُ لَمْ تَجُزْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ، وَلَمْ تَصِحَّ إلَّا أَنْ يَكْتَرِيَ كِرَاءً، وَسَوَاءٌ قَلِيلُ ذَلِكَ وَكَثِيرُهُ، وَلَا حَدَّ فِيهِ إلَّا مَا وَصَفْت وَلَيْسَ لِلْمُسَاقِي فِي النَّخْلِ أَنْ يَزْرَعَ الْبَيَاضَ إلَّا بِإِذْنِ مَالِك النَّخْلِ، وَإِنْ زَرَعَهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وَهُوَ كَمَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ دَخَلَ عَلَى الْإِجَارَةِ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ وَيَحْفَظَ بِأَنَّ لَهُ شَيْئًا مِنْ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُ التَّمْرِ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَتَكَلَّفَ مِنْ الْمُؤْنَةِ شَيْئًا غَيْرَ عَمَلِ يَدَيْهِ وَتَكُونَ أُجْرَتُهُ شَيْئًا مِنْ الثِّمَارِ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً فَإِنْ كَانَ دَخَلَ فِي الْمُسَاقَاةِ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا وَرَضِيَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنْ يَرْفَعَ عَنْهُ مِنْ الْمُؤْنَةِ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى هَذَا قَالَ وَكُلُّ مَا كَانَ مُسْتَزَادًا فِي الثَّمَرَةَ مِنْ إصْلَاحٍ لِلْمَارِّ وَطَرِيقِ الْمَاءِ وَتَصْرِيفِ الْجَرِيدِ وَإِبَارِ النَّخْلِ وَقَطْعِ الْحَشِيشِ الَّذِي يَضُرُّ بِالنَّخْلِ أَوْ يُنْشِفُ عَنْهُ الْمَاءَ حَتَّى يَضُرَّ بِثَمَرَتِهَا شَرَطَهُ عَلَى الْمُسَاقَاةِ.

وَأَمَّا سَدُّ الْحِظَارِ فَلَيْسَ فِيهِ مُسْتَزَادٌ لِإِصْلَاحٍ فِي الثَّمَرَةِ، وَلَا يَصْلُحُ شَرْطُهُ عَلَى الْمُسَاقِي فَإِنْ قَالَ: فَإِنْ أَصْلَحَ لِلنَّخْلِ أَنْ يُسَدَّ الْحِظَارُ فَكَذَلِكَ أَصْلَحُ لَهَا أَنْ يُبْنَى عَلَيْهَا حِظَارٌ لَمْ يَكُنْ، وَهُوَ لَا يُجِيزُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَلَيْسَ هَذَا الْإِصْلَاحُ مِنْ الِاسْتِزَادَةِ فِي شَيْءٍ مِنْ النَّخْلِ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الدَّاخِلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ فِيهِمَا بِالْخَرْصِ وَسَاقَى عَلَى النَّخْلِ وَثَمَرُهَا مُجْتَمِعٌ لَا حَائِلَ دُونَهُ وَلَيْسَ هَكَذَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَرِ كُلِّهِ دُونَهُ حَائِلٌ، وَهُوَ مُتَفَرِّقٌ غَيْرُ مُجْتَمِعٍ، وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَهِيَ فِي الزَّرْعِ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ تَجُوزَ، وَلَوْ جَازَتْ إذَا عَجَزَ عَنْهُ صَاحِبُهُ جَازَتْ إذَا عَجَزَ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَنْ زَرْعِهَا أَنْ يُزَارِعَ فِيهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهَا. وَقَالَ: إذَا أَجَزْنَا الْمُسَاقَاةَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ ثَمَرًا بِتَرَاضِي رَبِّ الْمَالِ وَالْمُسَاقِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ، وَقَدْ تُخْطِئُ الثَّمَرَةُ فَيَبْطُلُ عَمَلُ الْعَامِلِ وَتَكْثُرُ فَيَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَضْعَافًا كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَظَهَرَ أَجْوَزُ.

قَالَ: وَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسَاقَاةَ فَأَجَزْنَاهَا بِإِجَازَتِهِ وَحَرَّمَ كِرَاءَ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَحَرَّمْنَاهَا بِتَحْرِيمِهِ، وَإِنْ كَانَا قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا لِلْعَامِلِ فِي كُلٍّ بَعْضُ مَا يُخْرِجُ النَّخْلُ، أَوْ الْأَرْضُ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِي سُنَّتِهِ إلَّا اتِّبَاعُهَا، وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَنَّ النَّخْلَ شَيْءٌ قَائِمٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْهُ أَنَّهُ يُثْمِرُ وَمِلْكُ النَّخْلِ لِصَاحِبِهِ وَالْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ لَا شَيْءَ فِيهَا قَائِمًا إنَّمَا يَحْدُثُ فِيهَا شَيْءٌ بَعْدُ لَمْ يَكُنْ، وَقَدْ أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ الْمُضَارَبَةَ فِي الْمَالِ يَدْفَعُهُ رَبُّهُ فَيَكُونُ لِلْمُضَارِبِ بَعْضُ الْفَضْلِ، وَالنَّخْلُ أَبْيَنُ وَأَقْرَبُ مِنْ الْأَمَانِ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ مِنْ الْمُضَارَبَةِ وَكُلٌّ قَدْ يُخْطِئُ وَيَقِلُّ وَيَكْثُرُ، وَلَمْ يُجِزْ الْمُسْلِمُونَ أَنْ تَكُونَ الْإِجَارَةُ إلَّا بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ، وَدَلَّتْ السُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ أَنَّ الْإِجَارَاتِ إنَّمَا هِيَ شَيْءٌ لَمْ يُعْلَمْ إنَّمَا هُوَ عَمَلٌ يَحْدُثُ لَمْ يَكُنْ حِينَ اسْتَأْجَرَهُ.

قَالَ:، وَإِذَا سَاقَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَ فَكَانَ فِيهِ بَيَاضٌ لَا يُوصَلُ إلَى عَمَلِهِ إلَّا بِالدُّخُولِ عَلَى النَّخْلِ فَكَانَ لَا يُوصَلُ إلَى سَقْيِهِ إلَّا بِشُرْبِ النَّخْلِ الْمَاءَ وَكَانَ غَيْرَ مُتَمَيِّزٍ يَدْخُلُ فَيَسْقِي وَيَدْخُلُ عَلَى النَّخْلِ جَازَ أَنْ يُسَاقِي عَلَيْهِ مَعَ النَّخْل لَا مُنْفَرِدًا وَحْده، وَلَوْلَا الْخَبَرُ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ دَفَعَ إلَى أَهْلِ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمْ النِّصْفَ مِنْ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَلَهُ النِّصْفُ فَكَانَ الزَّرْعُ كَمَا وَصَفْت بَيْنَ ظَهْرَانَيْ النَّخْلِ لَمْ يَجُزْ فَأَمَّا إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>