للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرْجِعَ عَلَى مُسْتَهْلِكِهِ مَنْ كَانَ بِثَمَنِ أَيِّ شَيْءٍ سَلَّمَهُ لَهُ الْوَارِثُ مِنْهُ فَإِنْ أَخَذَ الْوَارِثُ مِنْهُ ثَمَنَ بَعْضِ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَأَفْلَسَ بِبَعْضِهِ رَجَعَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا أَصَابَ مَا سَلَّمَ لَهُ الْوَارِثُ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ بِقَدْرِ مَا أَخَذَ كَأَنَّهُ أَخَذَ نِصْفَ ثَمَنِ غَنَمٍ فَقَالَ: الْوَارِثُ أَسْلَمَ لَهُ أَدْنَى شَاةٍ مِنْهَا وَقِيمَتُهَا دِرْهَمَانِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْوَارِثِ بِدِرْهَمٍ وَهَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ صِنْفٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَاةٍ مِنْ مَالِهِ قِيلَ: لِلْوَرَثَةِ أَعْطُوهُ أَيَّ شَاةٍ شِئْتُمْ كَانَتْ عِنْدَكُمْ، أَوْ اشْتَرَيْتُمُوهَا لَهُ صَغِيرَةً، أَوْ كَبِيرَةً ضَائِنَةً، أَوْ مَاعِزَةً فَإِنْ قَالُوا نُعْطِيهِ ظَبْيًا، أَوْ أُرْوِيَّةً لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ شَاةٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ إذَا قِيلَ: شَاةٌ ضَائِنَةٌ، أَوْ مَاعِزَةٌ وَهَكَذَا لَوْ قَالُوا نُعْطِيك تَيْسًا، أَوْ كَبْشًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ إذَا قِيلَ شَاةٌ أَنَّهَا أُنْثَى، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ بَعِيرًا، أَوْ ثَوْرًا مِنْ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ نَاقَةً، وَلَا بَقَرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى هَذَيْنِ اسْمُ الْبَعِيرِ، وَلَا الثَّوْرِ عَلَى الِانْفِرَادِ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَشْرَ أَيْنُقُ مِنْ مَالِي لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ فِيهَا ذَكَرًا وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَشَرَةَ أَجْمَالٍ، أَوْ عَشَرَةَ أَثْوَارٍ، أَوْ عَشَرَةَ أَتْيَاسٍ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ أُنْثَى مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَشْرًا مِنْ غَنَمِي، أَوْ عَشْرًا مِنْ إبِلِي، أَوْ عَشْرًا مِنْ أَوْلَادِ غَنَمِي، أَوْ إبِلِي، أَوْ بَقَرِي، أَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ عَشْرًا مِنْ الْغَنَمِ، أَوْ عَشْرًا مِنْ الْبَقَرِ أَوْ عَشْرًا مِنْ الْإِبِلِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ عَشْرًا إنْ شَاءُوا إنَاثًا كُلَّهَا، وَإِنْ شَاءُوا ذُكُورًا كُلَّهَا، وَإِنْ شَاءُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ وَالْبَقَرَ وَالْإِبِلَ جِمَاعٌ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَلَا شَيْءَ أَوْلَى مِنْ شَيْءٍ.

أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» فَلَمْ يَخْتَلِفْ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالْإِنَاثِ دُونَ الذُّكُورِ وَالذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ لَوْ كَانَتْ لِرَجُلٍ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا مِنْ مَالِي دَابَّةً قِيلَ: لَهُمْ أَعْطُوهُ إنْ شِئْتُمْ مِنْ الْخَيْلِ، أَوْ الْبِغَالِ أَوْ الْحَمِيرِ أُنْثَى، أَوْ ذَكَرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الذَّكَرُ مِنْهَا بِأَوْلَى بِاسْمِ الدَّابَّةِ مِنْ الْأُنْثَى، وَلَكِنَّهُ لَوْ قَالَ: أُنْثَى مِنْ الدَّوَابِّ، أَوْ ذَكَرًا مِنْ الدَّوَابِّ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَا أَوْصَى بِهِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا كَانَ، أَوْ كَبِيرًا أَعْجَفَ كَانَ، أَوْ سَمِينًا مَعِيبًا كَانَ أَوْ سَلِيمًا. وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ.

بَابُ الْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فَيَهْلِكُ بِعَيْنِهِ، أَوْ غَيْرِ عَيْنِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ شَيْءٍ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ مِثْلَ عَبْدٍ وَسَيْفٍ وَدَارٍ وَأَرْضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَا ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ هَلَكَ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ مِثْلُ دَارٍ ذَهَبَ السَّيْلُ بِثُلُثَيْهَا، أَوْ أَرْضٍ كَذَلِكَ فَالثُّلُثُ كَالْبَاقِي لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مَوْجُودَةٌ وَخَارِجَةٌ مِنْ الثُّلُثِ.

بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْوَصِيَّةِ فِي حَالٍ، وَلَا يَجُوزُ فِي أُخْرَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا كَلْبًا مِنْ كِلَابِي وَكَانَتْ لَهُ كِلَابٌ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>