للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ قِيلَ لَهُ إنْ شِئْت سَلَّمْته بِمَا سُلِّمَ لَك مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثُّلُثِ وَتَرَكْت الْفَضْلَ وَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَإِنْ شِئْت رَدَدْت مَا أَخَذْت وَنَقَضْت الْبَيْعَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا، وَلَمْ تَطِبْ نَفْسُ الْبَائِعِ عَنْ الْفَضْلِ فَلِلْبَائِعِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فِي سِلْعَتِهِ وَمَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَيَرُدُّ الْفَضْلُ عَنْ ذَلِكَ عَلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ كَانَ السِّلْعَةُ قَائِمَةً قَدْ دَخَلَهَا عَيْبٌ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا، أَوْ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ الْمَرِيضُ فَظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ فَأَبْرَأَ الْبَائِعَ مِنْ الْعَيْبِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ غَبْنٌ كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِيمَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَفِيهِ غَبْنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَاهُ صَحِيحًا، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَاهُ وَلَهُ فِيهِ خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَوْ خِيَارُ شَرْطٍ، أَوْ خِيَارُ صَفْقَةٍ فَلَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الصَّفْقَةِ بِالتَّفَرُّقِ، وَلَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بِالرُّؤْيَةِ، وَلَا خِيَارُ الشَّرْطِ بِانْقِضَاءِ الشَّرْطِ حَتَّى مَرِضَ فَفَارَقَ الْبَائِعَ، أَوْ رَأَى السِّلْعَةَ فَلَمْ يَرُدَّهَا، أَوْ مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَمْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَمَّ فِي هَذَا كُلِّهِ، وَهُوَ مَرِيضٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ كَانَ الْبَائِعُ الصَّحِيحَ وَالْمُشْتَرِي الْمَرِيضَ، أَوْ الْمُشْتَرِي الصَّحِيحَ وَالْبَائِعُ الْمَرِيضَ عَلَى أَصْلِ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْغَبْنَ يَكُونُ فِي الثُّلُثِ وَهَكَذَا لَوْ بَاعَ مَرِيضٌ مِنْ مَرِيضٍ، أَوْ صَحِيحٌ مِنْ صَحِيحٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ الْمَرِيضِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الصَّحِيحِ فِي قِيمَةِ مَا بَاعَ الْمَرِيضُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ وَقِيمَتُهَا مِائَةٌ وَقَالَ الْوَرَثَةُ بَلْ بَاعَكَهَا وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا كُلِّهِ وَارِثًا، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ فَلَمْ يَمُتْ الْمَيِّتُ حَتَّى صَارَ وَارِثًا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَزَلْ وَارِثًا لَهُ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ، فَإِذَا بَاعَهُ الْمَيِّتُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ مِثْلُ الْأَجْنَبِيِّ فِي جَمِيعِ حَالِهِ إلَّا فِيمَا زَادَ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ فَإِنْ بَاعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ جَازَ، وَإِنْ بَاعَهُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ قِيلَ: لِلْوَارِثِ حُكْمُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ وَأَنْتَ فَلَا وَصِيَّةَ لَك فَإِنْ شِئْت فَارْدُدْ الْبَيْعَ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَك مَا بَاعَك، وَإِنْ شِئْت فَأَعْطِ الْوَرَثَةَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ مَا زَادَ عَلَى مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، ثُمَّ هُوَ فِي فَوْتِ السِّلْعَةِ وَغَبْنِهَا مِثْلُ الْأَجْنَبِيِّ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ مَرِيضٌ وَارِثٌ مِنْ مَرِيضٍ وَارِثٍ.

بَابُ نِكَاحِ الْمَرِيضِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَنْكِحَ جَمِيعَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى أَرْبَعًا وَمَا دُونَهُنَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ، فَإِذَا أَصْدَقَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ صَدَاقَ مِثْلِهَا جَازَ لَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَأَيَّتُهُنَّ زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَالزِّيَادَةُ مُحَابَاةٌ فَإِنْ صَحَّ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ جَازَ لَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ بَطَلَتْ عَنْهَا الزِّيَادَةُ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَثَبَتَ النِّكَاحُ وَكَانَ لَهَا الْمِيرَاثُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَتْ ابْنَةُ حَفْصِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ فَطَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ فَحُدِّثَ أَنَّهَا عَاقِرٌ لَا تَلِدُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا فَمَكَثَتْ حَيَاةَ عُمَرَ وَبَعْضَ خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، وَهُوَ مَرِيضٌ لِتُشْرِكَ نِسَاءَهُ فِي الْمِيرَاثِ وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ.

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>