للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُلْزِمْهُ نَفْسَهُ عَتَقَ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا، وَلَمْ يَلْزَمْهُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ، ثُمَّ اسْتَأْنَفَ أَنْ جَعَلَ عَلَيْهِ شَيْئًا فَجَعَلَهُ عَلَى رَجُلٍ لَا يَمْلِكُهُ، وَلَمْ يَعْقِدْ بِهِ شَرْطًا فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِأَنْ يَضْمَنَهُ لَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَإِنَّمَا أَنْظُرُ إلَى الْحَالِ الَّتِي أَعْتَقَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا سَاعَةَ أَعْتَقَهُ أَعْتَقْته وَجَعَلْت لَهُ وَلَاءَهُ وَضَمَّنْته نَصِيبَ شُرَكَائِهِ وَقَوَّمْته بِقِيمَتِهِ حِينَ وَقَعَ الْعِتْقُ وَجَعَلْته حِينَ وَقَعَ الْعِتْقُ حُرًّا جِنَايَتَهُ وَالْجِنَايَةَ عَلَيْهِ وَشَهَادَتَهُ وَحُدُودَهُ وَجَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَحْكَامَ حُرٍّ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْقِيمَةَ، وَلَمْ يَرْتَفِعْ إلَى الْقَاضِي إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ مِائَةَ دِينَارٍ، ثُمَّ نَقَصَتْ، ثُمَّ لَمْ يُرَافِعْهُ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى تَصِيرَ عَشْرَةً أَوْ زَادَتْ حَتَّى تَصِيرَ أَلْفًا فَسَوَاءٌ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُعْتَقَةُ أَمَةً فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا بَعْدَ الْعِتْقِ فَالْقِيمَةُ قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ وَقَعَ الْعِتْقُ حَامِلًا كَانَتْ، أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَلَا قِيمَةَ لِمَا حَدَثَ مِنْ الْحَمْلِ، وَلَا مِنْ الْوِلَادَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ حُرَّةٍ

وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَأَعْتَقَهُ الثَّانِي بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ فَعِتْقُهُ بَاطِلٌ. وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَوَّلُ مُوسِرًا فَلَهُ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَعِتْقُ الثَّانِي جَائِزٌ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَعْتَقَاهُ جَمِيعًا مَعًا لَمْ يَتَقَدَّمْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْعِتْقِ كَانَ حُرًّا وَلَهُمَا، وَلَاؤُهُ وَهَكَذَا إنْ وَلَّيَا رَجُلًا عِتْقَهُ فَأَعْتَقَهُ كَانَ حُرًّا وَكَانَ، وَلَاؤُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ قَالَ: أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إذَا أَعْتَقْت فَهُوَ حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ صَاحِبُهُ كَانَ حُرًّا حِينَ قَالَ: الْمُعْتِقُ، وَلَا يَكُونُ حُرًّا لَوْ قَالَ: إذَا أَعْتَقْتُكَ فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الْعِتْقَ بَعْدَ كَمَالِ الْأَوَّلِ وَكَانَ كَمَنْ قَالَ إذَا أَعْتَقْته فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا أَلْتَفِتُ إلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مُعْسِرٌ فَنَصِيبُهُ حُرٌّ وَلِلْمُعْتِقِ نِصْفُ مَالِهِ وَلِلَّذِي لَمْ يَعْتِقْ نِصْفُهُ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا كَانَ حُرًّا وَضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهِ وَكَانَ مَالُ الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا، وَلَا مَالَ لِلْعَبْدِ إنَّمَا مَالُهُ لِمَالِكِهِ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَهُ أَخَذَهُ وَعِتْقُهُ غَيْرُ هِبَةِ مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهُوَ غَيْرُ مَالِهِ، وَهُوَ يَقَعُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ، وَلَا يَقَعُ عَلَى مَالِهِ، وَلَوْ قَالَ: رَجُلٌ لِغُلَامِهِ أَنْتَ حُرٌّ وَلِمَالِهِ أَنْتَ حُرٌّ كَانَ الْغُلَامُ حُرًّا، وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ حُرًّا مَا كَانَ الْمَالُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يَقَعُ الْعِتْقُ إلَّا عَلَى بَنَى آدَمَ.

وَإِذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَلَهُ مِنْ الْمَالِ مَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ إلَّا أَنَّ الْكُلَّ لَا يَخْرُجُ عَتَقَ عَلَيْهِ مَا احْتَمَلَ مَالُهُ مِنْهُ وَكَانَ لَهُ مِنْ، وَلَائِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيَرِقُّ مِنْهُ مَا بَقِيَ وَسَوَاءٌ فِيمَا وَصَفْت الْعَبْدُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ الْمُسْلِمُ وَالنَّصْرَانِيُّ وَسَوَاءٌ أَيَّهُمَا أَعْتَقَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا، فَإِذَا أَعْتَقَهُ النَّصْرَانِيُّ، وَهُوَ مُوسِرٌ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّهُ وَلَهُ وَلَاؤُهُ، وَهُوَ فِيهِ مِثْلُ الْمُسْلِمِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ كَمَا لَا يَرِثُ ابْنَهُ فَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدُ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى الْمُعْتِقُ وَرِثَهُ، وَلَا يَبْعُدُ النَّصْرَانِيُّ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا مُعْتِقًا فَعِتْقُ الْمَالِكِ جَائِزٌ. وَقَدْ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ»، وَلَا يَكُونُ مَالِكًا لِمُسْلِمٍ، فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، فَأَمَّا مَالِكُ مُعْتِقٍ يَجُوزُ عِتْقُهُ، وَلَا يَكُونُ لَهُ، وَلَاؤُهُ فَلَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا، وَهَذَا خِلَافُ السُّنَّةِ

وَإِذَا مَلَكَ الرَّجُلُ أَبَاهُ، أَوْ أُمَّهُ بِمِيرَاثٍ عَتَقَا عَلَيْهِ، وَإِذَا مَلَكَ بَعْضَهُمَا عَتَقَ مِنْهُمَا مَا مَلَكَ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَوَّمَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَزِمَهُ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ نَقَلَ مِيرَاثَ الْمَوْتَى إلَى الْأَحْيَاءِ الْوَارِثِينَ. وَلَكِنَّهُ لَوْ أَوْصَى لَهُ، أَوْ وَهَبَ لَهُ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ، أَوْ مَلَكَهُ بِأَيِّ مِلْكٍ مَا شَاءَ غَيْرِ الْمِيرَاثِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَهُمَا بِغَيْرِ مِيرَاثٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُقَوَّمَا عَلَيْهِ، وَلَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ دَفْعُ هَذَا الْمِلْكِ كُلِّهِ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَبُولُهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ إلَّا بِأَنْ يَشَاءَ فَكَانَ اخْتِيَارُهُ الْمِلْكَ مِلْكَ مَا لَهُ قِيمَةٌ، وَالْعِتْقُ يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ

وَلَوْ أَعْتَقَ الرَّجُلُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ: عِنْدَ الْقِيمَةِ إنَّهُ آبِقٌ، أَوْ سَارِقٌ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ.

فَإِنْ جَاءَ بِهَا قُوِّمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ شَرِيكُهُ قُوِّمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ شَرِيكُهُ أُحْلِفَ، فَإِنْ حَلَفَ قَوْمٌ بَرِيَا مِنْ الْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ.

فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رَدَدْنَا الْيَمِينَ عَلَى الْمُعْتَقِ فَإِنْ حَلَفَ قَوَّمْنَاهُ آبِقًا سَارِقًا، وَإِنْ نَكَلَ قَوَّمْنَاهُ صَحِيحًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>