للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ حُرَّةً عَدْلَيْنِ أَجَزْنَا ذَلِكَ لَهُمَا بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ ذَلِكَ يَصْلُح عَلَى الِابْتِدَاءِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَلِّي أَحَدَهُمَا، فَإِذَا لَمْ يُوَلِّ مَنْ هُوَ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ بَانَ لَنَا أَنْ قَدْ أَخْطَأَ عَامِدًا، أَوْ مُجْتَهِدًا عَلَى غَيْرِهِ، وَلَا نُجِيزُ خَطَأَهُ عَلَى غَيْرِهِ إذَا بَانَ ذَلِكَ لَنَا كَمَا تُجِيزُ أَمْرَ الْحَاكِمِ فِيمَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ صَوَابًا، وَلَا نُجِيزُهُ فِيمَا بَانَ خَطَؤُهُ وَنُجِيزُ أَمْرَ الْوَالِي فِيمَا صَنَعَ نَظَرًا وَنَرُدُّهُ فِيمَا صَنَعَ مِنْ مَالِ مَنْ يَلِي غَيْرَ نَظَرٍ وَنُجِيزُ قَوْلَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهِ فِيمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا، وَلَا نُجِيزُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صِدْقًا وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ شَرَطْنَا عَلَيْهِ فِي نَظَرِهِ أَنْ يَجُوزَ بِحَالٍ لَمْ يَجُزْ فِي الْحَالِ الَّتِي يُخَالِفُهَا

وَإِذَا أَوْصَى الرَّجُلُ إلَى مَنْ تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ، ثُمَّ حَدَثَ لِلْمُوصَى إلَيْهِ حَالٌ تُخْرِجُهُ مِنْ حَدِّ أَنْ يَكُونَ كَافِيًا لِمَا أُسْنِدَ إلَيْهِ، أَوْ أَمِينًا عَلَيْهِ أَخْرَجْت الْوَصِيَّةَ مِنْ يَدَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَمِينًا وَأَضُمُّ إلَيْهِ إذَا كَانَ أَمِينًا ضَعِيفًا عَنْ الْكِفَايَةِ قَوِيًّا عَلَى الْأَمَانَةِ فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ الْأَمَانَةِ أُخْرِجَ بِكُلِّ حَالٍ وَكُلَّمَا صَارَ مَنْ أُبْدِلَ مَكَانَ وَصِيٍّ إلَى تَغَيُّرٍ فِي أَمَانَةٍ، أَوْ ضَعْفٍ كَانَ مِثْلَ الْوَصِيِّ يُبْدَلُ مَكَانُهُ كَمَا يُبْدَلُ مَكَانُ الْوَصِيِّ إذَا تَغَيَّرَتْ حَالُهُ، وَإِذَا أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا، أَوْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ أُبْدِلَ مَكَانَ الْمَيِّتِ، أَوْ الْمُتَغَيِّرِ رَجُلٌ آخَرُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَرْضَ قِيَامَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ فَمَاتَ الْمُوصَى إلَيْهِ وَأَوْصَى بِمَا أَوْصَى بِهِ إلَى رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ وَصِيُّ الْوَصِيِّ وَصِيًّا لِلْمَيِّتِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمَيِّتَ الْأَوَّلَ لَمْ يَرْضَ الْمُوصَى الْآخَرَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ فَإِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ، فَقَدْ أَوْصَيْت إلَى مَنْ أَوْصَى إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِمَالِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِيمَنْ أَوْصَى إلَيْهِ الْوَصِيُّ الْمَيِّتُ فَإِنْ كَانَ كَافِيًا أَمِينًا، وَلَمْ يَجِدْ آمَنَ مِنْهُ، أَوْ مِثْلَهُ فِي الْأَمَانَةِ مِمَّنْ يَرَاهُ أَمْثَلَ لِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ مِنْ ذِي قَرَابَةِ الْمَيِّتِ، أَوْ مَوَدَّةً لَهُ، أَوْ قَرَابَةً لِتَرِكَتِهِ، أَوْ مَوَدَّةً لَهُمْ ابْتَدَأَ لِتَوْلِيَتِهِ بِتَرِكَةِ الْمَيِّتِ، وَإِنْ وَجَدَ أَكْفَأَ وَأَمْلَأَ بِبَعْضِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهُ وَلَّى الَّذِي يَرَاهُ أَنْفَعَ لِمَنْ يُوَلِّيهِ أَمْرَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ الْوَصِيَّانِ، أَوْ الْمَوْلَيَانِ، أَوْ الْوَصِيُّ، وَلَا مَوْلَى مَعَهُ فِي الْمَالِ قَسَمَ مَا كَانَ مِنْهُ يُقْسَمُ فَجَعَلَ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ وَأَمَرَ بِالِاحْتِفَاظِ بِمَا لَا يُقْسَمُ مِنْهُ مَعًا

وَإِذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِإِنْكَاحِ بَنَاتِهِ إلَى رَجُلٍ فَإِنْ كَانَ وَلِيَّهُنَّ الَّذِي لَا أَوْلَى مِنْهُ زَوَّجَهُنَّ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ دُونَ الْوَصِيَّةِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيَّهُنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهُنَّ، وَفِي إجَازَةِ تَزْوِيجِ الْوَصِيِّ إبْطَالٌ لِلْأَوْلِيَاءِ إذَا كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَهْلَ النَّسَبِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَلِيَ غَيْرُ ذِي نَسَبٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ يَجُوزُ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ أَنْ يَلِيَ مَا كَانَ يَلِي الْمَيِّتُ؟ فَالْمَيِّتُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى حَيٍّ فَيَكُونُ يَلِي أَحَدٌ بِوِلَايَةِ الْمَيِّتِ إذَا مَاتَ صَارَتْ الْوِلَايَةُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ بِالْمُزَوَّجَةِ مِنْ قِبَل أَبِيهَا بَعْدَهُ أَحَبَّتْ ذَلِكَ، أَوْ كَرِهَتْهُ، وَلَوْ جَازَ هَذَا لِوَصِيِّ الْأَبِ جَازَ لِوَصِيِّ الْأَخِ وَالْمَوْلَى وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِوَصِيٍّ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يُوَكِّلُ أَبُوهَا الرَّجُلَ فَيُزَوِّجَهَا فَيَجُوزُ؟ قِيلَ: نَعَمْ وَوَلِيُّهَا مَنْ كَانَ وَالْوِلَايَةُ حِينَئِذٍ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَالْوَكِيلُ يَقُومُ مَقَامَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ قَدْ أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ بِتَرِكَتِي، أَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْت إلَيْهِ بِمَالِي، أَوْ قَالَ: بِمَا خَلَّفْت.

(قَالَ الرَّبِيعُ) أَنَا أُجِيبُ فِيهَا أَقُولُ: يَكُونُ وَصِيًّا بِالْمَالِ، وَلَا يَكُونُ إلَيْهِ مِنْ النِّكَاحِ شَيْءٌ إنَّمَا النِّكَاحُ إلَى الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْمُزَوِّجَةِ وَاَللَّه تَعَالَى أَعْلَمُ.

بَابُ مَا يَجُوزُ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَصْنَعَهُ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يُخْرِجُ الْوَصِيُّ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ كُلَّ مَا لَزِمَ الْيَتِيمَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَمَا لَا غِنَى بِهِ عَنْهُ مِنْ كِسْوَتِهِ وَنَفَقَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَإِذَا بَلَغَ الْحُلُمَ، وَلَمْ يَبْلُغْ رُشْدَهُ زَوَّجَهُ، وَإِذَا احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ وَمِثْلُهُ يُخْدَمُ اشْتَرَى لَهُ خَادِمًا، وَإِذَا ابْتَاعَ لَهُ نَفَقَةً وَكِسْوَةً فَسُرِقَ ذَلِكَ أَخْلَفَ لَهُ مَكَانَهَا، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>