للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَوْلٌ وَفِيهَا رِبْحٌ فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحَ وَحِصَّةَ رِبْحِ صَاحِبِهِ، وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رِبْحَهُ فَائِدَةٌ فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ مُنْذُ قُوِّمَ صَارَ لِلْمُقَارِضِ رِبْحُ زَكَاةٍ مَعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ بِرِبْحِهِ، وَإِنْ رَجَعَتْ السِّلْعَةُ إلَى رَأْسِ الْمَالِ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُزَكَّى بِرِبْحِهَا لِحَوْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِرَبِّ الْمَالِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَى رَبِّ الْمَالِ مَالُهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَبَاهُ وَفِي الْمَالِ رِبْحٌ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ فَلَوْ مَلَكَ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا لَعَتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا دَلِيلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَوْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ دَفْعِ الْمَالِ إلَى رَبِّهِ لَكَانَ بِهِ شَرِيكًا وَلَوْ خَسِرَ حَتَّى لَا يَبْقَى إلَّا قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ كَانَ فِيمَا بَقِيَ شَرِيكًا؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا زَائِدًا مَلَكَهُ نَاقِصًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَتَى شَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَخْذَ مَالِهِ، وَمَتَى أَرَادَ الْعَامِلُ الْخُرُوجَ مِنْ الْقِرَاضِ فَذَلِكَ لَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَذِهِ مَسَائِلُ أَجَبْتُ فِيهَا عَلَى قَوْلِهِ وَقِيَاسِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): مِنْ ذَلِكَ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ خُذْهَا فَاشْتَرِ بِهَا هَرَوِيًّا أَوْ مَرَوِيًّا بِالنِّصْفِ كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ فَإِنْ اشْتَرَى فَجَائِزٌ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَإِنْ بَاعَ فَبَاطِلٌ لِأَنَّ الْبَيْعَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ.

(قَالَ): فَإِنْ قَالَ خُذْهَا قِرَاضًا أَوْ مُضَارَبَةً عَلَى مَا شَرَطَ فُلَانٌ مِنْ الرِّبْحِ لِفُلَانٍ فَإِنْ عَلِمَا ذَلِكَ فَجَائِزٌ، وَإِنْ جَهِلَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا فَفَاسِدٌ فَإِنْ قَارَضَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ ثُلُثَ رِبْحِهَا لِلْعَامِلِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الرِّبْحِ فَثُلُثُهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَثُلُثَاهُ لِلْعَامِلِ فَجَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ مَعْلُومَةٌ، وَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى دَنَانِيرَ فَحَصَلَ فِي يَدَيْهِ دَرَاهِمُ أَوْ عَلَى دَرَاهِمَ فَحَصَلَ فِي يَدَيْهِ دَنَانِيرُ فَعَلَيْهِ بَيْعُ مَا حَصَلَ حَتَّى يَصِيرَ مِثْلَ مَا لِرَبِّ الْمَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ وَإِذَا دَفَعَ مَالًا قِرَاضًا فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى وَبَاعَ وَرَبِحَ أَخَذَ الْعَامِلُ رِبْحَهُ وَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ.

وَإِنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَالَ الْعَامِلُ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي بِمَالِي وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: بَلْ فِي الْقِرَاضِ بِمَالِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَالْآخَرُ مُدَّعٍ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ: اشْتَرَيْته مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: بَلْ لِنَفْسِك وَفِيهِ خُسْرَانٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِيمَا فِي يَدَيْهِ وَلَوْ قَالَ الْعَامِلُ: اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ الْقِرَاضِ ثُمَّ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ الثَّانِيَ بِتِلْكَ الْأَلْفِ قَبْلَ أَنْ أَنْقُدَ كَانَ الْأَوَّلُ فِي الْقِرَاضِ وَالثَّانِي لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَإِنْ نَهَى رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ أَنْ يَشْتَرِيَ، وَيَبِيعَ وَفِي يَدَيْهِ عَرَضٌ اشْتَرَاهُ فَلَهُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْهِ عَيْنٌ فَاشْتَرَى فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ وَالرِّبْحُ لَهُ وَالْوَضِيعَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى بِالْمَالِ بِعَيْنِهِ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ، وَيَتَرَادَّانِ حَتَّى تَرْجِعَ السِّلْعَةُ إلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ هَلَكَتْ فَلِصَاحِبِهَا قِيمَتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَيَرْجِعُ بِهَا الْأَوَّلُ عَلَى الثَّانِي، وَيَتَرَادَّانِ الثَّمَنَ الْمَدْفُوعَ وَلَوْ قَالَ الْعَامِلُ رَبِحْت أَلْفًا ثُمَّ قَالَ غَلِطْت أَوْ خِفْت نَزْعَ الْمَالِ مِنِّي فَكَذَبْت لَزِمَهُ إقْرَارُهُ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ. وَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ أَوْ بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَبَاطِلٌ وَهُوَ لِلْمَالِ ضَامِنٌ.

وَلَوْ اشْتَرَى فِي الْقِرَاضِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ دَفَعَ الثَّمَنَ فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ، وَهُوَ لِلْمَالِ ضَامِنٌ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ.

الْمُسَاقَاةُ مَجْمُوعَةٌ مِنْ إمْلَاءٍ وَمَسَائِلَ شَتَّى جَمَعْتهَا مِنْهُ لَفْظًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «سَاقَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ نِصْفَ الثَّمَرِ لَهُمْ وَكَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيُخَرَّصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ثُمَّ يَقُولُ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْخَرْصِ إنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِي أَنْ يَخْرُصَ النَّخْلَ كُلَّهُ كَأَنَّهُ خَرَصَهَا مِائَةَ وَسْقٍ وَعَشَرَةَ أَوْسُقٍ رُطَبًا ثُمَّ قَدَّرَ أَنَّهَا إذَا صَارَتْ تَمْرًا نَقَصَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَصَحَّتْ مِنْهَا مِائَةُ وَسْقٍ تَمْرًا

<<  <   >  >>