للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ عَبْدٌ فَإِنْ الْتَقَطَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُخَلًّى لِنَفْسِهِ أُقِرَّتْ فِي يَدِهِ وَكَانَتْ بَعْدَ السَّنَةِ لَهُ كَمَا لَوْ كَسَبَ فِيهِ مَالًا كَانَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي لِسَيِّدِهِ أَخَذَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ كَسْبَهُ فِيهِ لِسَيِّدِهِ.

(قَالَ): وَيُفْتَى الْمُلْتَقَطُ إذَا عَرَّفَ الرَّجُلُ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ وَالْعَدَدَ وَالْوَزْنَ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ صَادِقٌ أَنْ يُعْطِيَهُ، وَلَا أَجْبُرُهُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصِيبُ الصِّفَةَ بِأَنْ يَسْمَعَ الْمُلْتَقِطَ يَصِفُهَا، وَمَعْنَى قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَأَنْ يُؤَدِّيَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا مَعَهَا وَلِيَعْلَمَ إذَا وَضَعَهَا فِي مَالِهِ أَنَّهَا لُقَطَةٌ، وَقَدْ يَكُونُ لِيَسْتَدِلَّ عَلَى صِدْقِ الْمُعَرِّفِ أَرَأَيْت لَوْ وَصَفَهَا عَشْرَةٌ أَيُعْطُونَهَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّهُمْ كَاذِبٌ إلَّا وَاحِدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ صَادِقًا، وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ طَعَامًا رَطْبًا لَا يَبْقَى فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ إذَا خَافَ فَسَادَهُ، وَيَغْرَمَهُ لِرَبِّهِ.

(وَقَالَ): فِيمَا وَضَعَهُ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ: إذَا خَافَ فَسَادَهُ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَيُقِيمَ عَلَى تَعْرِيفِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَقُلْ لِلْمُلْتَقِطِ شَأْنُك بِهَا إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ مَهْلَكَةٍ كَالشَّاةِ فَيَكُونُ لَهُ أَكْلُهُ، وَيَغْرَمُهُ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ.

(وَقَالَ): فِيمَا وَضَعَ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ: إذَا وَجَدَ الشَّاةَ أَوْ الْبَعِيرَ أَوْ الدَّابَّةَ أَوْ مَا كَانَتْ بِالْمِصْرِ أَوْ فِي قَرْيَةٍ فَهِيَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهَا سَنَةً، وَإِذْ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَوَالَّ الْإِبِلِ فَمَنْ أَخَذَهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا ضَمِنَ.

(قَالَ): وَلَا جُعْلَ لِمَنْ جَاءَ بِآبِقٍ، وَلَا ضَالَّةٍ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ لَهُ وَسَوَاءٌ مَنْ عُرِفَ بِطَلَبِ الضَّوَالِّ، وَمَنْ لَا يُعْرَفُ بِهِ. وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدٍ فَلَكَ كَذَا وَلِآخَرَ مِثْلُ ذَلِكَ وَلِثَالِثٍ مِثْلُ ذَلِكَ فَجَاءُوا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ مَا جَعَلَهُ لَهُ اتَّفَقَتْ الْأَجْعَالِ أَوْ اخْتَلَفَتْ.

بَابُ الْتِقَاطِ الْمَنْبُوذِ يُوجَدُ مَعَهُ الشَّيْءُ بِمَا وَضَعَ بِخَطِّهِ لَا أَعْلَمُهُ سُمِعَ مِنْهُ، وَمِنْ مَسَائِلَ شَتَّى سَمِعْتهَا مِنْهُ لَفْظًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَا وَضَعَ بِخَطِّهِ -: مَا وُجِدَ تَحْتَ الْمَنْبُوذِ مِنْ شَيْءٍ مَدْفُونٍ مِنْ ضَرْبِ الْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ قَرِيبًا مِنْهُ فَهُوَ لُقَطَةٌ أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَهِيَ ضَالَّةٌ فَإِنْ وُجِدَ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ مَالٌ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مُلْتَقِطُهُ غَيْرَ ثِقَةٍ نَزَعَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ ثِقَةً وَجَبَ أَنْ يُشْهِدَ بِمَا وَجَدَ لَهُ، وَأَنَّهُ مَنْبُوذٌ، وَيَأْمُرُهُ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَمَا أَخَذَ ثَمَنَهُ الْمُلْتَقِطُ وَأَنْفَقَ مِنْهُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْحَاكِمِ فَهُوَ ضَامِنٌ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَرُمَ تَضْيِيعُهُ عَلَى مَنْ عَرَّفَهُ حَتَّى يُقَامَ بِكَفَالَتِهِ فَيُخْرِجَ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَأْثَمِ، وَلَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْتَسْلِفَ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ يَكُونُ عَلَيْهِ دَيْنًا فَمَا ادَّعَى قُبِلَ مِنْهُ إذَا كَانَ مِثْلُهُ قَصْدًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): لَا يَجُوزُ قَوْلُ أَحَدٍ فِيمَا يَتَمَلَّكُهُ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى وَلَيْسَ كَالْأَمِينِ يَقُولُ فَيَبْرَأُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ وَجَدَهُ رَجُلَانِ فَتَشَاحَّاهُ أَقْرَعْتُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ دَفَعْته إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ خَيْرًا لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا عَمَّا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ، وَإِنْ كَانَ

<<  <   >  >>