للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا مُقِيمًا بِالْمِصْرِ وَالْآخَرُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ دُفِعَ إلَى الْمُقِيمِ، وَإِنْ كَانَ قَرَوِيًّا وَبَدْوِيًّا دُفِعَ إلَى الْقَرَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْبَادِيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَحُرًّا دُفِعَ إلَى الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَنَصْرَانِيًّا فِي مِصْرٍ بِهِ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ دُفِعَ إلَى الْمُسْلِمِ وَجَعَلْته مُسْلِمًا وَأَعْطَيْته مِنْ سُهْمَانِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِذَا أَعْرَبَ عَنْ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ لَمْ يَبِنْ لِي أَنْ أَقْتُلَهُ، وَلَا أُجْبِرَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي مَدِينَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَا مُسْلِمَ فِيهِمْ فَهُوَ ذِمِّيٌّ فِي الظَّاهِرِ حَتَّى يَصِفَ الْإِسْلَامَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَوْ أَرَادَ الَّذِي الْتَقَطَهُ الظَّعْنَ بِهِ فَإِنْ كَانَ يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا مُنِعَهُ.

وَجِنَايَتُهُ خَطَأً عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ: عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي فَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا فَلِلْإِمَامِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَقْلُ، وَإِنْ كَانَ جُرْحًا حُبِسَ لَهُ الْجَارِحُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَخْتَارَ الْقَوَدَ أَوْ الْأَرْشَ فَإِنْ كَانَ مَعْتُوهًا فَقِيرًا أَحْبَبْتُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ الْأَرْشَ، وَيُنْفِقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحُرِّ حَتَّى يَبْلُغَ فَيُقِرَّ فَإِنْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ قَبِلْته وَرَجَعْت عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ وَجَعَلْت جِنَايَتَهُ فِي عُنُقِهِ وَلَوْ قَذَفَهُ قَاذِفٌ لَمْ أَحِدَّ لَهُ حَتَّى أَسْأَلْهُ فَإِنْ قَالَ أَنَا حُرٌّ حَدَدْت قَاذِفَهُ، وَإِنْ قَذَفَ حُرًّا حُدَّ. (قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَمِعْته يَقُولُ اللَّقِيطُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْآدَمِيِّينَ الْحُرِّيَّةُ إلَّا مَنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ الْعُبُودِيَّةُ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ كَمَا لَا أَبَ لَهُ فَإِنْ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا كُلُّهُ يُوجِبُ أَنَّهُ حُرٌّ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ لِلْمَقْذُوفِ أَنَّهُ حُرٌّ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ ادَّعَاهُ الَّذِي وَجَدَهُ: أَلْحَقْته بِهِ فَإِنْ ادَّعَاهُ آخَرُ أَرَيْته الْقَافَةَ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِالْآخَرِ أَرَيْتَهُمْ الْأَوَّلَ فَإِنْ قَالُوا إنَّهُ ابْنُهُمَا لَمْ نَنْسُبْهُ إلَى أَحَدِهِمَا حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْتَسِبَ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُلْحَقْ بِالْآخَرِ فَهُوَ ابْنُ الْأَوَّلِ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى اللَّقِيطَ رَجُلَانِ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ جَعَلْته لِلَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ أَوَّلًا، وَلَيْسَ هَذَا كَمِثْلِ الْمَالِ وَدَعْوَةُ الْمُسْلِمِ وَالْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا ادَّعَاهُ وَوُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَلْحَقْته بِهِ أَحْبَبْتُ أَنْ أَجْعَلَهُ مُسْلِمًا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَأَنْ آمُرَهُ إذَا بَلَغَ بِالْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ إجْبَارٍ.

(وَقَالَ): فِي كِتَابِ الدَّعْوَى إنَّا نَجْعَلُهُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُهُ كَمَا قَالَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): عِنْدِي هَذَا أَوْلَى بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ حَقٌّ لَمْ يَزُلْ حَقُّهُ بِالدَّعْوَى فَقَدْ ثَبَتَ لِلْإِسْلَامِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ وَجَرَى حُكْمُهُ عَلَيْهِ بِالدَّارِ فَلَا يَزُولُ حَقُّ الْإِسْلَامِ بِدَعْوَى مُشْرِكٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهُ بَعْدَ أَنْ عَقَلَ وَوَصَفَ الْإِسْلَامَ أَلْحَقْنَاهُ بِهِ، وَمَنَعْنَاهُ أَنْ يُنَصِّرَهُ فَإِذَا بَلَغَ فَامْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ لَمْ يَكُنْ مُرْتَدًّا نَقْتُلُهُ وَأَحْبِسُهُ وَأُخِيفُهُ رَجَاءَ رُجُوعِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قِيَاسُ: مَنْ جَعَلَهُ مُسْلِمًا أَنْ لَا يَرُدَّهُ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا دَعْوَةَ لِلْمَرْأَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ أَقَامَتْ امْرَأَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْنُهَا لَمْ أَجْعَلْهُ ابْنَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى أُرِيَهُ الْقَافَةَ فَإِنْ أَلْحَقُوهُ بِوَاحِدَةٍ لَحِقَ بِزَوْجِهَا، وَلَا يَنْفِيهِ إلَّا بِاللِّعَانِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَخْرَجُ قَوْلِ الشَّافِعِيُّ فِي هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ وَهُوَ الزَّوْجُ فَلَمَّا أَلْحَقَتْهُ الْقَافَةُ بِالْمَرْأَةِ كَانَ زَوْجُهَا فِرَاشًا يَلْحَقُهُ وَلَدُهَا، وَلَا يَنْفِيهِ إلَّا بِلِعَانٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ اللَّقِيطَ أَنَّهُ عَبْدُهُ لَمْ أَقْبَلْ الْبَيِّنَةَ حَتَّى تَشْهَدَ أَنَّهَا رَأَتْ أَمَةَ فُلَانٍ وَلَدْته وَأَقْبَلُ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ، وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أَقْبَلَ شُهُودَهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُرَى فِي يَدِهِ فَيَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُهُ.

(وَقَالَ): فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْتِقَاطِ الْمُلْتَقِطِ أَرَفَقْتُهُ لَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَأَوْلَى بِالْحَقِّ عِنْدِي مِنْ الْأَوَّلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا بَلَغَ اللَّقِيطُ فَاشْتَرَى وَبَاعَ وَنَكَحَ وَأَصْدَقَ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِرَجُلٍ أَلْزَمْته مَا يَلْزَمُهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ، وَفِي إلْزَامِهِ الرِّقَّ قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّ إقْرَارَهُ يَلْزَمُهُ فِي نَفْسِهِ وَفِي الْفَضْلِ مِنْ مَالٍ عَمَّا لَزِمَهُ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَمَنْ قَالَ أُصَدِّقُهُ فِي الْكُلِّ قَالَ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْأَصْلِ، وَمَنْ قَالَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ قَالَهُ فِي امْرَأَةٍ نُكِحَتْ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِمِلْكٍ لِرَجُلٍ لَا أُصَدِّقُهَا عَلَى إفْسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ وَأَجْعَلُ

<<  <   >  >>