للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيُفَرِّقُ ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِ الْخُمُسِ عَلَى مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ يُحْصُونَ ثُمَّ يُوَزَّعُ بَيْنَهُمْ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ سَهْمُهُ لَا يُعْطَى لِأَحَدٍ مِنْهُمْ سَهْمُ صَاحِبِهِ فَقَدْ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي - فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ عِنْدَنَا فِي سَهْمِهِ فَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ: يُرَدُّ عَلَى أَهْلِ السُّهْمَانِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَعَهُ؛ لِأَنِّي رَأَيْت الْمُسْلِمِينَ قَالُوا فِيمَنْ سُمِّيَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ فَلَمْ يُوجَدْ رُدَّ عَلَى مَنْ سُمِّيَ مَعَهُ وَهَذَا مَذْهَبٌ يَحْسُنُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَضَعُهُ الْإِمَامُ حَيْثُ رَأَى عَلَى الِاجْتِهَادِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَضَعُهُ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَاَلَّذِي أَخْتَارُ أَنْ يَضَعَهُ الْإِمَامُ فِي كُلِّ أَمْرٍ حَصُنَ بِهِ الْإِسْلَامُ وَأَهْلُهُ مِنْ سَدِّ ثَغْرٍ أَوْ إعْدَادِ كُرَاعٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ إعْطَاءِ أَهْلِ الْبَلَاءِ فِي الْإِسْلَامِ نَفْلًا عِنْدَ الْحَرْبِ وَغَيْرِ الْحَرْبِ إعْدَادًا لِلزِّيَادَةِ فِي تَعْزِيرِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ عَلَى مَا صَنَعَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ وَنَفَلَ فِي الْحَرْبِ وَأَعْطَى عَامَ حُنَيْنٍ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَهْلُ حَاجَةٍ وَفَضْلٍ وَأَكْثَرُهُمْ أَهْلُ حَاجَةٍ وَنَرَى ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ سَهْمِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمِمَّا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ فِي ذَوِي الْقُرْبَى أَنْ رَوَى حَدِيثًا عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: لَقِيت عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَقُلْت لَهُ: بِأَبِي وَأُمِّي مَا فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فِي حَقِّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الْخُمُسِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ أَمَّا أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَخْمَاسٌ وَمَا كَانَ فَقَدْ أَوْفَانَاهُ، وَأَمَّا عُمَرُ فَلَمْ يَزَلْ يُعْطِينَاهُ حَتَّى جَاءَهُ مَالُ السُّوسِ وَالْأَهْوَازِ أَوْ قَالَ: مَالُ فَارِسَ.

(الشَّافِعِيُّ يَشُكُّ). وَقَالَ عُمَرُ فِي حَدِيثِ مَطَرٍ أَوْ حَدِيثٍ آخَرَ: إنَّ فِي الْمُسْلِمِينَ خَلَّةً فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ تَرَكْتُمْ حَقَّكُمْ فَجَعَلْنَاهُ فِي خَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَأْتِيَنَا مَالٌ فَأُوفِيَكُمْ حَقَّكُمْ مِنْهُ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لَا تُطْمِعْهُ فِي حَقِّنَا، فَقُلْت: يَا أَبَا الْفَضْلِ أَلَسْنَا مِنْ أَحَقِّ مَنْ أَجَابَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَفَعَ خَلَّةَ الْمُسْلِمِينَ فَتَوَفَّى عُمَرُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ مَالٌ فيقضيناه.

وَقَالَ الْحَكَمُ فِي حَدِيثِ مَطَرٍ أَوْ الْآخَرِ: إنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لَكُمْ حَقًّا وَلَا يَبْلُغُ عِلْمِي إذْ كَثُرَ أَنْ يَكُونَ لَكُمْ كُلُّهُ فَإِنْ شِئْتُمْ أَعْطَيْتُكُمْ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَرَى لَكُمْ فَأَبَيْنَا عَلَيْهِ إلَّا كُلُّهُ فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَنَا كُلَّهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِلْمُنَازِعِ فِي سَهْمِ ذِي الْقُرْبَى: أَلَيْسَ مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابِ اللَّهِ مُبَيَّنًا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ فَعَلَهُ أَنَّ عَلَيْهِمْ قَبُولَهُ، وَقَدْ ثَبَتَ سَهْمُهُمْ فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَبَرِ الثِّقَةِ لَا مُعَارِضَ لَهُ فِي إعْطَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِيًّا لَا دِينَ عَلَيْهِ فِي إعْطَائِهِ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي كَثْرَةِ مَالِهِ يَعُولُ عَامَّةَ بَنِي الْمُطَّلِبِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا بِالْقَرَابَةِ لَا بِالْحَاجَةِ كَمَا أَعْطَى الْغَنِيمَةَ مَنْ حَضَرَهَا لَا بِالْحَاجَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَحَقَّ الْمِيرَاثَ بِالْقَرَابَةِ لَا بِالْحَاجَةِ.

وَكَيْفَ جَازَ لَك أَنْ تُرِيدَ إبْطَالَ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ بِأَنْ تَقُولَ: هِيَ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَلَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَهُ ثُمَّ تَجِدُ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى مَنْصُوصًا فِي آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعَهُمَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرُدُّهُ؟ أَرَأَيْت لَوْ عَارَضَك مُعَارِضٌ فَأَثْبَتَ سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى وَأَسْقَطَ الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ مَا حُجَّتُك عَلَيْهِ إلَّا كَهِيَ عَلَيْك.

تَفْرِيقُ مَا أَخَذَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ غَيْرِ الْمُوجَفِ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَنْبَغِي لِلْوَالِي أَنْ يُحْصِيَ جَمِيعَ مَنْ فِي الْبُلْدَانِ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ وَهُمْ مَنْ قَدْ احْتَلَمَ أَوْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً مِنْ الرِّجَالِ وَيُحْصِيَ الذُّرِّيَّةَ وَهُمْ مَنْ دُونَ الْمُحْتَلِمِ وَدُونَ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَالنِّسَاءُ صَغِيرُهُمْ وَكَبِيرُهُمْ وَيَعْرِفُ قَدْرَ نَفَقَاتِهِمْ وَمَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْ مُؤْنَاتِهِمْ بِقَدْرِ مَعَاشِ مِثْلِهِمْ فِي

<<  <   >  >>