للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَأَمَّا أَبُو الْبِكْرِ وَأَبُو الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُمَا كَمَا لَا تَجُوزُ لَهَا هِبَةُ أَمْوَالِهِمَا، وَأَيُّ الزَّوْجَيْنِ عَفَا عَمَّا فِي يَدَيْهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الدَّفْعِ أَوْ الرَّدُّ وَالتَّمَامُ أَفْضَلُ.

(قَالَ): وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ صَدَاقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَالْآخَرُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مَلَكَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَالَ فِي كِتَابِ الْقَدِيمِ: لَا يَرْجِعُ إذَا قَبَضَتْهُ فَوَهَبَتْهُ لَهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ؛ لِأَنَّ هِبَتَهَا لَهُ إبْرَاءٌ لَيْسَ كَاسْتِهْلَاكِهَا إيَّاهُ لَوْ وَهَبَتْهُ لِغَيْرِهِ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَرْجِعُ عَلَيْهَا فَمَا صَارَ إلَيْهِ؟.

(قَالَ): وَكَذَلِكَ إنْ أَعْطَاهَا نِصْفَهُ ثُمَّ وَهَبَتْ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَلَا أَعْلَمُ قَوْلًا غَيْرَ هَذَا إلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: هِبَتُهَا لَهُ كَهِبَتِهَا لِغَيْرِهِ وَالْأَوَّلُ عِنْدَنَا أَحْسَنُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلِكُلِّ وَجْهٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَالْأَحْسَنُ أَوْلَى بِهِ مِنْ الَّذِي لَيْسَ بِأَحْسَنَ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي عَلَى قَوْلِهِ مَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ إذَا وَهَبَتْ لَهُ النِّصْفَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَا بَقِيَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِشَيْءٍ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ فَمَا بَقِيَ فَعَلَيْهِ نِصْفُهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مُشَاعٌ فِيمَا قَبَضَتْ وَبَقِيَ.

(قَالَ): فَأَمَّا فِي الصَّدَاقِ غَيْرِ الْمُسَمَّى أَوْ الْفَاسِدِ فَالْبَرَاءَةُ فِي ذَلِكَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ مِمَّا لَا تَعْلَمُ.

(قَالَ): وَلَوْ قَبَضَتْ الْفَاسِدَ ثُمَّ رَدَّتْهُ عَلَيْهِ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةً وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمَهْرِ أَوْ يُعْطِيَهَا مَا تَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ أَقَلُّ وَتُحَلِّلُهُ مِمَّا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا أَوْ يُعْطِيهَا أَكْثَرَ وَيُحَلِّلُهَا مِمَّا بَيْنَ كَذَا إلَى كَذَا.

بَابُ الْحُكْمِ فِي الدُّخُولِ وَإِغْلَاقِ الْبَابِ وَإِرْخَاءِ السِّتْرِ

مِنْ الْجَامِعِ وَمِنْ كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ وَمِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ الْقَدِيمِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَيْسَ لَهُ الدُّخُولُ بِهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا الْمَالَ فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ دَيْنًا فَلَهُ الدُّخُولُ بِهَا وَتُؤَخِّرُ يَوْمًا وَنَحْوَهُ لِتُصْلِحَ أَمْرَهَا وَلَا يُجَاوِزُ بِهَا ثَلَاثًا إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ فَيَمْنَعُهُ أَهْلُهَا حَتَّى تَحْتَمِلَ وَالصَّدَاقُ كَالدَّيْنِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَفْعُ صَدَاقِهَا وَلَا نَفَقَتِهَا حَتَّى تَكُونَ فِي الْحَالِ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا وَيُخَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ، وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً فَقَالَ: لَا أَدْفَعُ حَتَّى تُدْخِلُوهَا وَقَالُوا: لَا نُدْخِلُهَا حَتَّى تَدْفَعَ فَأَيُّهُمَا تَطَوَّعَ أَجْبَرْت الْآخَرَ، فَإِنْ امْتَنَعُوا مَعًا أَجْبَرْت أَهْلَهَا عَلَى وَقْتٍ يُدْخِلُونَهَا فِيهِ وَأَخَذْت الصَّدَاقَ مِنْ زَوْجِهَا فَإِذَا دَخَلَتْ دَفَعْته إلَيْهَا وَجَعَلْت لَهَا النَّفَقَةَ إذَا قَالُوا: نَدْفَعُهَا إلَيْهِ إذَا دَفَعَ الصَّدَاقَ إلَيْنَا، وَإِنْ كَانَتْ نِضْوًا أُجْبِرَتْ عَلَى الدُّخُولِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ مَرَضٍ لَا يُجَامَعُ فِيهِ مِثْلُهَا فَتُمْهَلُ، وَإِنْ أَفْضَاهَا فَلَمْ تَلْتَئِمْ فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا وَلَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا وَلَهَا مَنْعُهُ أَنْ يُصِيبَهَا حَتَّى تَبْرَأَ الْبُرْءَ الَّذِي إنْ عَادَ لَمْ يَنْكَأْهَا وَلَمْ يَزِدْ فِي جَرْحِهَا وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهَا، فَإِنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَلَمْ يَمَسَّهَا حَتَّى طَلَّقَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِالْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي إغْلَاقِ الْبَابِ وَإِرْخَاءِ السِّتْرِ أَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ فَمِنْ قَوْلِ عُمَرَ مَا ذَنْبُهُنَّ لَوْ جَاءَ بِالْعَجْزِ مِنْ قَبْلِكُمْ؟ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَجِبُ إذَا خَلَّتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهَا كَوُجُوبِ الثَّمَنِ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يُغْلِقْ بَابًا وَلَمْ يُرْخِ سِتْرًا.

(قَالَ): وَسَوَاءٌ طَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا أَوْ قَصُرَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ إلَّا بِالْمَسِيسِ نَفْسِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ جَاءَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَى مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ.

<<  <   >  >>