للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُشْبِهُ هَذَا الْبَابُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّهَا فِي هَذَا الْبَابِ كَانَتْ مُحَرَّمَةً كَالْأَجْنَبِيَّةِ الشَّعْرِ وَالنَّظَرِ وَالْحِسِّ وَفِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ لَمْ تَكُنْ مُحَرَّمَةً بِشَيْءٍ غَيْرِ الْجِمَاعِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّ مَا حَلَّ لَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ امْرَأَتِهِ وَالْإِيلَاءُ يَلْزَمُهُ بِمَعْنَاهُ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِعَقْدِهِ الْأَوَّلِ حَتَّى يُحْدِثَ نِكَاحًا جَدِيدًا فَحُكْمُهُ مِثْلُ الْأَيِّمِ تَزَوَّجُ فَلَا حُكْمَ لِلْإِيلَاءِ فِي مَعْنَاهُ الْمُشَبَّهِ لِأَصْلِهِ.

(قَالَ): وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ بِهِ الْمُولِي فَائِتًا فِي الثَّيِّبِ أَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ وَفِي الْبِكْرِ ذَهَابُ الْعُذْرَةِ فَإِنْ قَالَ: لَا أَقْدِرُ عَلَى افْتِضَاضِهَا أُجِّلَ أَجَلَ الْعِنِّينِ، وَلَوْ جَامَعَهَا مُحَرَّمَةً أَوْ حَائِضًا أَوْ هُوَ مُحَرَّمٌ أَوْ صَائِمٌ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ.

وَلَوْ آلَى ثُمَّ جُنَّ فَأَصَابَهَا فِي جُنُونِهِ أَوْ جُنُونِهَا خَرَجَ مِنْ الْإِيلَاءِ وَكَفَّرَ إذَا أَصَابَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يُكَفِّرْ إذَا أَصَابَهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُ مَرْفُوعٌ فِي تِلْكَ الْحَالِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - جَعَلَ فِعْلَ الْمَجْنُونِ فِي جُنُونِهِ كَالصَّحِيحِ فِي خُرُوجِهِ مِنْ الْإِيلَاءِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا خَرَجَ مِنْ الْإِيلَاءِ فِي جُنُونِهِ بِالْإِصَابَةِ فَكَيْفَ لَا يُلْزِمُهُ الْكَفَّارَةَ، وَلَوْ لَمْ يُلْزِمْهُ الْكَفَّارَةَ مَا كَانَ حَانِثًا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَانِثًا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْإِيلَاءِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْإِيلَاءِ إذَا حَاكَمَ إلَيْنَا وَحُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ وَاحِدٌ (قَالَ): فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ لَوْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ تَسْتَعْدِي بِأَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ حَكَمْت عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ حُكْمِي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَوْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَطْلُبُ حَقًّا كَانَ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِهِ؛ لِأَنَّ تَأْوِيلَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْإِسْلَامِ.

(قَالَ): وَإِذَا كَانَ الْعَرَبِيُّ يَتَكَلَّمُ بِأَلْسِنَةِ الْعَجَمِ وَآلَى بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ مِنْهَا فَهُوَ مُولٍ فِي الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِأَعْجَمِيَّةٍ فَقَالَ: مَا عَرَفْت مَا قُلْت وَمَا أَرَدْت إيلَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَلَوْ آلَى ثُمَّ آلَى فَإِنْ حَنِثَ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَمْ يَعُدْ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَإِنْ أَرَادَ بِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ الْأُولَى فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَهَا فَأُحِبُّ كَفَّارَتَيْنِ.

وَقَدْ زَعَمَ مَنْ خَالَفَنَا فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْفَيْئَةَ فِعْلٌ يُحْدِثُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ إمَّا بِجِمَاعٍ أَوْ فَيْءٍ مَعْذُورٍ بِلِسَانِهِ وَزَعَمَ أَنَّ عَزِيمَةَ الطَّلَاقِ انْقِضَاءُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِغَيْرِ فِعْلٍ يُحْدِثُهُ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا فَقُلْت لَهُ: أَرَأَيْت أَنْ لَوْ عَزَمَ أَنْ لَا يَفِيءَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَيَكُونُ طَلَاقًا؟ قَالَ: لَا حَتَّى يُطَلِّقَ قُلْت فَكَيْفَ يَكُونُ انْقِضَاءُ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ طَلَاقًا بِغَيْرِ عَزْمٍ وَلَا إحْدَاثِ شَيْءٍ لَمْ يَكُنْ

بَابُ إيلَاءِ الْخَصِيِّ غَيْرِ الْمَجْبُوبِ وَالْمَجْبُوبِ مِنْ كِتَابِ الْإِيلَاءِ وَكِتَابِ النِّكَاحِ وَإِمْلَاءً عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا آلَى الْخَصِيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْخَصِيِّ إذَا بَقِيَ مِنْ ذَكَرِهِ مَا يَنَالُ بِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ مَا يَبْلُغُ الرَّجُلُ حَتَّى يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا قِيلَ لَهُ: فِئْ بِلِسَانِك لَا شَيْءَ عَلَيْك غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُجَامِعُ مِثْلُهُ (وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ) وَلَا إيلَاءَ عَلَى الْمَجْبُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطِيقُ الْجِمَاعَ أَبَدًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا لَمْ تُجْعَلْ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُمْكِنُ أَنْ يَحْنَثَ بِهِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ فَهَذَا بِقَوْلِهِ أَوْلَى عِنْدِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ آلَى صَحِيحًا ثُمَّ جُبَّ ذَكَرُهُ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ مَكَانَهَا فِي الْمَقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهِ.

<<  <   >  >>