للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدًا طَعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا فِي سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَئِنْ أَجْزَأَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهُوَ وَاحِدٌ لَيُجْزِئهُ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ قَائِلٌ قَالَ اللَّهُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} شَرْطَانِ عَدَدٌ وَشَهَادَةٌ فَأَنَا أُجِيزُ الشَّهَادَةَ دُونَ الْعَدَدِ، فَإِنْ شَهِدَ الْيَوْمَ شَاهِدٌ ثُمَّ عَادَ لِشَهَادَتِهِ فَهِيَ شَهَادَتَانِ فَإِنْ قَالَ: لَا حَتَّى يَكُونَا شَاهِدَيْنِ فَكَذَلِكَ لَا حَتَّى يَكُونُوا سِتِّينَ مِسْكِينًا، وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ أَطْعَمَهُ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَجْزَأَهُ فَإِنْ أَجْزَأَهُ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ أَوْصَى اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْأَسِيرِ فَلِمَ لَا يُجْزِئُ أَسِيرَ الْمُسْلِمِينَ الْحَرْبِيُّ وَالْمُسْتَأْمَنُونَ إلَيْهِمْ، وَقَالَ: لَوْ غَدَّاهُمْ أَوْ عَشَّاهُمْ، وَإِنْ تَفَاوَتَ أَكْلُهُمْ فَأَشْبَعَهُمْ أَجْزَأَ، وَإِنْ أَعْطَاهُمْ قِيمَةَ الطَّعَامِ عَرَضًا أَجْزَأَ فَإِنَّهُ أَتْرَكَ مَا نَصَتَ السُّنَّةُ مِنْ الْمَكِيلَةِ فَأَطْعَمَ سِتِّينَ صَبِيًّا أَوْ رِجَالًا مَرْضَى أَوْ مَنْ لَا يُشْبِعُهُمْ إلَّا إضْعَافُ الْكَفَّارَةِ فَمَا يَقُولُ إذَا أَعْطَى عَرَضًا مَكَانَ الْمَكِيلَةِ لَوْ كَانَ مُوسِرًا يُعْتِقُ رَقَبَةً فَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا فَإِنْ أَجَازَ هَذَا فَقَدْ أَجَازَ الْإِطْعَامَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا رَقَبَةً فَلِمَ جَوَّزَ الْعَرَضَ وَإِنَّمَا السُّنَّةُ مَكِيلَةُ طَعَامٍ مَعْرُوفَةٌ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ هَذَا أَنْ يُحِيلَ الصَّوْمَ وَهُوَ مُطِيقٌ لَهُ إلَى الضِّدِّ.

مُخْتَصَرٌ مِنْ الْجَامِعِ مِنْ كِتَابَيْ لِعَانٍ جَدِيدٍ وَقَدِيمٍ، وَمَا دَخَلَ فِيهِمَا مِنْ الطَّلَاقِ مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَمِنْ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} إلَى قَوْلِهِ {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} قَالَ: فَكَانَ بَيِّنًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الزَّوْجَ مِنْ قَذْفِ الْمَرْأَةِ بِالْتِعَانِهِ كَمَا أَخْرَجَ قَاذِفَ الْمُحْصَنَةِ غَيْرَ الزَّوْجَةِ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ مِمَّا قَذَفَهَا بِهِ، وَفِي ذَلِكَ دَلَالَةٌ أَنْ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَلْتَعِنَ حَتَّى تَطْلُبَ الْمَقْذُوفَةُ كَمَا لَيْسَ عَلَى قَاذِفِ الْأَجْنَبِيَّةِ حَدٌّ حَتَّى تَطْلُبَ حَدَّهَا قَالَ: وَلَمَّا لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ أَحَدًا مِنْ الْأَزْوَاجِ دُونَ غَيْرِهِ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ كَانَ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ جَازَ طَلَاقُهُ وَلَزِمَهُ الْفَرْضُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ زَوْجَةٍ لَزِمَهَا الْفَرْضُ وَلِعَانُهُمْ كُلِّهِمْ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفُ الْقَوْلُ فِيهِ وَالْفُرْقَةُ وَنَفْيُ الْوَلَدِ.

وَتَخْتَلِفُ الْحُدُودُ لِمَنْ وَقَعَتْ لَهُ وَعَلَيْهِ وَسَوَاءٌ قَالَ: زَنَتْ، أَوْ رَأَيْتهَا تَزْنِي أَوْ يَا زَانِيَةُ كَمَا يَكُونُ ذَلِكَ سَوَاءً إذَا قَذَفَ أَجْنَبِيَّةً، وَقَالَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ إمْلَاءً عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ، وَلَوْ جَاءَتْ بِحَمْلٍ وَزَوْجُهَا صَبِيٌّ دُونَ الْعَشْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّهُ لَا يُولَدُ لِمِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَأَكْثَرَ، وَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُولَدَ لَهُ كَانَ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ أَوْ يَمُوتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَيَكُونَ وَلَدُهُ، وَلَوْ كَانَ بَالِغًا مَجْبُوبًا كَانَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُحِيطُ أَنَّهُ لَا يُحْمَلُ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: قَذَفْتُك وَعَقْلِي ذَاهِبٌ فَهُوَ قَاذِفٌ إلَّا إنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ يُصِيبُهُ فَيُصَدَّقُ.

وَيُلَاعِنُ الْأَخْرَسُ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْإِشَارَةَ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يُلَاعِنُ، وَإِنْ طَلَّقَ وَبَاعَ بِإِيمَاءٍ أَوْ بِكِتَابٍ يُفْهَمُ جَازَ قَالَ: وَأَصْمَتَتْ أُمَامَةُ بِنْتُ أَبِي الْعَاصِ فَقِيلَ لَهَا: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا؛ فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ فَرُفِعَ ذَلِكَ فَرَأَيْت أَنَّهَا وَصِيَّةٌ.

قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ مَغْلُوبَةً عَلَى عَقْلِهَا فَالْتَعَنَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَنَفْيُ الْوَلَدِ إنْ انْتَفَى مِنْهُ وَلَا تُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَلَوْ طَلَبَهُ وَلِيُّهَا أَوْ كَانَتْ امْرَأَتُهُ أَمَةً فَطَلَبَهُ سَيِّدُهَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ فَطَلَبَهُ وَلِيُّهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعْنَ أَوْ يُحَدَّ لِلْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ وَيُعَزَّرَ لِغَيْرِهَا، وَلَوْ الْتَعَنَ وَأَبَيْنَ اللِّعَانَ فَعَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْحَدُّ وَالْمَمْلُوكَةِ نِصْفُ الْحَدِّ وَنَفْيُ نِصْفِ سَنَةٍ وَلَا لِعَانَ عَلَى الصَّبِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا.

وَلَا أَجْبُرُ الذِّمِّيَّةَ عَلَى اللِّعَانِ إلَّا أَنْ تَرْغَبَ فِي حُكْمِنَا فَتَلْتَعِنْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ حَدَدْنَاهَا إنْ ثَبَتَتْ عَلَى الرِّضَا بِحُكْمِنَا (قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَوْلَى بِهِ أَنْ يَحُدَّهَا لِأَنَّهَا رَضِيَتْ وَلَزِمَهَا حُكْمُنَا، وَلَوْ كَانَ الْحُكْمُ إذَا بُتَّ عَلَيْهَا فَأَبَتْ الرِّضَا بِهِ سَقَطَ عَنْهَا لَمْ يَجْرِ عَلَيْهَا حُكْمُنَا أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا تَقْدِرُ

<<  <   >  >>