للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَالْعُذْرِ بِتَرْكِهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أُرَخِّصُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي تَرْكِ إتْيَانِهَا إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَإِنْ جَمَعَ فِي بَيْتِهِ، أَوْ فِي مَسْجِدٍ وَإِنْ صَغُرَ أَجْزَأَ عَنْهُ، وَالْمَسْجِدُ الْأَعْظَمُ وَحَيْثُ كَثُرَتْ الْجَمَاعَاتُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْمُرُ مُنَادِيَهُ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَاللَّيْلَةِ ذَاتِ الرِّيحِ أَنْ يَقُولَ: أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ» وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ الْغَائِطَ فَلْيَبْدَأْ بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» قَالَ فِيهِ أَقُولُ لِأَنَّ الْغَائِطَ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ قَالَ فَإِذَا حَضَرَ فِطْرُهُ أَوْ طَعَامٌ مُطَرٍّ وَبِهِ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَكَانَتْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إلَيْهِ أَرْخَصْت لَهُ فِي تَرْكِ إتْيَانِ الْجَمَاعَةِ (قَالَ الْمُزَنِيّ): وَقَدْ احْتَجَّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» (قَالَ الْمُزَنِيّ): فَتَأَوَّلَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى لِئَلَّا يُشْغِلَهُ مُنَازَعَةُ نَفْسِهِ عَمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ فَرْضِ الصَّلَاةِ.

بَابُ صَلَاةِ الْإِمَامِ قَائِمًا بِقُعُودٍ، أَوْ قَاعِدًا بِقِيَامٍ أَوْ بِعِلَّةٍ مَا تَحْدُثُ وَصَلَاةُ مَنْ بَلَغَ، أَوْ احْتَلَمَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، فَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا وَصَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُ قِيَامًا أَجْزَأَتْهُ وَإِيَّاهُمْ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ وَفِعْلُهُ الْآخِرُ نَاسِخٌ لِفِعْلِهِ الْأَوَّلِ وَفَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى الْمَرِيضِ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ قَائِمًا وَعَلَى الصَّحِيحِ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا فَكُلٌّ قَدْ أَدَّى فَرْضَهُ، فَإِنْ صَلَّى الْإِمَامُ لِنَفْسِهِ جَالِسًا رَكْعَةً ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ قَامَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، فَإِنْ تَرَكَ الْقِيَامَ أَفْسَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَتَمَّتْ صَلَاتُهُمْ إلَّا أَنْ يَعْلَمُوا بِصِحَّتِهِ، وَتَرْكُهُ الْقِيَامَ فِي الصَّلَاةِ فَيَتَّبِعُونَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّى قَائِمًا رَكْعَةً، ثُمَّ ضَعُفَ عَنْ الْقِيَامِ، أَوْ أَصَابَتْهُ عِلَّةٌ مَانِعَةٌ فَلَهُ أَنْ يَقْعُدَ وَيَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهِ.

وَإِنْ صَلَّتْ أَمَةٌ رَكْعَةً مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ، ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَعَلَيْهَا أَنْ تَسْتَتِرَ إنْ كَانَ الثَّوْبُ قَرِيبًا مِنْهَا وَتَبْنِيَ عَلَى صَلَاتِهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ، أَوْ كَانَ الثَّوْبُ بَعِيدًا مِنْهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهَا (قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا: وَكَذَلِكَ الْمُصَلِّي عُرْيَانًا لَا يَجِدُ ثَوْبًا، ثُمَّ يَجِدُهُ وَالْمُصَلِّي خَائِفًا، ثُمَّ يَأْمَنُ وَالْمُصَلِّي مَرِيضًا يُومِئُ ثُمَّ يَصِحُّ، أَوْ يُصَلِّي وَلَا يُحْسِنُ أُمَّ الْقُرْآنِ ثُمَّ يُحْسِنُ أَنَّ مَا مَضَى جَائِزٌ عَلَى مَا كُلِّفَ وَمَا بَقِيَ عَلَى مَا كُلِّفَ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَعَلَى الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ يُؤَدِّبُوا أَوْلَادَهُمْ وَيُعَلِّمُوهُمْ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَيَضْرِبُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ إذَا عَقَلُوا فَمَنْ احْتَلَمَ، أَوْ حَاضَ، أَوْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَ سَنَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ.

بَابُ اخْتِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَغَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِقَوْمٍ الظُّهْرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ وَجَاءَ قَوْمٌ فَصَلَّوْا خَلْفَهُ يَنْوُونَ الْعَصْرَ أَجْزَأَتْهُمْ الصَّلَاةُ جَمِيعًا وَقَدْ أَدَّى كُلٌّ فَرْضَهُ وَقَدْ «أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَهُ الْمَكْتُوبَةَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ بِقَوْمِهِ» هِيَ لَهُ نَافِلَةٌ وَلَهُمْ مَكْتُوبَةٌ وَقَدْ كَانَ عَطَاءٌ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ الْقُنُوتَ، ثُمَّ

<<  <   >  >>