للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَى أَنْ لَا نَفَقَةَ لَهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الَّتِي يُمْلَكُ رَجْعَتُهَا فِي مَعَانِي الْأَزْوَاجِ فِي أَنَّ عَلَيْهِ نَفَقَتَهَا وَسُكْنَاهَا وَأَنَّ طَلَاقَهُ وَإِيلَاءَهُ وَظِهَارَهُ وَلِعَانَهُ يَقَعُ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُهَا فَكَانَتْ الْآيَةُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ وَهِيَ الَّتِي لَا يُمْلَكُ رَجْعَتُهَا وَبِذَلِكَ جَاءَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي «فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بَتَّ زَوْجُهَا طَلَاقَهَا فَذَكَرَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَيْسَ لَك عَلَيْهِ نَفَقَةٌ» وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ قَالَ " نَفَقَةُ الْمُطَلَّقَةِ مَا لَمْ تَحْرُمْ " وَعَنْ عَطَاءٍ لَيْسَتْ الْمَبْتُوتَةُ الْحُبْلَى مِنْهُ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ أَجْلِ الْحَبَلِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حُبْلَى فَلَا نَفَقَةَ لَهَا.

(قَالَ): وَكُلُّ مَا وَصَفْت مِنْ مُتْعَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ سُكْنَى فَلَيْسَتْ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَأَمَّا كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ مَفْسُوخًا فَلَا نَفَقَةَ حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ فَإِنْ ادَّعَتْ الْحَمْلَ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِيَقِينٍ حَتَّى تَلِدَ فَتُعْطَى نَفَقَةُ مَا مَضَى لَهَا، وَهَكَذَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ أَوْ كَانَ الْوَارِثُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ غَائِبًا فَلَا يُعْطَى إلَّا بِيَقِينٍ أَرَأَيْت لَوْ أَعْطَيْنَاهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ ثُمَّ أَنْفَسَ أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْنَا مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنْ تُحْصِيَ مِنْ يَوْمِ فَارَقَهَا فَإِذَا قَالَ النِّسَاءُ: بِهَا حَمْلٌ، أَنْفَقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ وَلِمَا مَضَى.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا عِنْدِي أَوْلَى بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ بِالْحَمْلِ النَّفَقَةَ وَحَمْلُهَا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَنَفَاهُ وَقَذَفَهَا لَاعَنَهَا، وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ حُدَّ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ ثُمَّ أَخَذَتْ مِنْهُ النَّفَقَةَ الَّتِي بَطَلَتْ عَنْهُ، وَلَوْ أَعْطَاهَا بِقَوْلِ الْقَوَابِلِ أَنَّ بِهَا حَمْلًا ثُمَّ عَلِمَ أَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا حَمْلٌ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَجَاوَزَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ رَجَعَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ، وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تُقِرَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ أَوْ كَانَ حَيْضُهَا يَخْتَلِفُ فَيَطُولُ وَيَقْصُرُ لَمْ أَجْعَلْ لَهَا إلَّا الْأَقْصَرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينُ وَأَطْرَحُ الشَّكَّ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا حَكَمَ بِأَنَّ الْعِدَّةَ قَائِمَةٌ فَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ فِي الْقِيَاسِ لَهَا بِالْعِدَّةِ قَائِمَةٌ، وَلَوْ جَازَ قَطْعُ النَّفَقَةِ بِالشَّكِّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَجَازَ انْقِطَاعُ الرَّجْعَةِ بِالشَّكِّ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَا أَعْلَمُ حُجَّةً بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَى الْأَمَةِ الْحَامِلِ، وَلَوْ زَعَمْنَا أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ كَانَتْ نَفَقَةَ الْحَمْلِ لَا تَبْلُغُ بَعْضَ نَفَقَةِ أَمَةٍ وَلَكِنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (وَقَالَ) فِي كِتَابِ الْإِمْلَاءِ: النَّفَقَةُ عَلَى السَّيِّدِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَوَّلُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَهِدَ أَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ وَحُكْمُ اللَّهِ أَوْلَى مِمَّا خَالَفَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا كُلُّ نِكَاحٍ كَانَ مَفْسُوخًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى حَامِلًا أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ (وَقَالَ) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمُصِيبُ لَهَا بِذَلِكَ لِيُحْصِنَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهَا بِتَطَوُّعِهِ وَلَهُ تَحْصِينُهَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

بَابٌ: النَّفَقَةُ عَلَى الْأَقَارِبِ

مِنْ كِتَابِ النَّفَقَةِ وَمِنْ ثَلَاثَةِ كُتُبٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَانُ أَنَّ عَلَى الْأَبِ أَنْ يَقُومَ بِالْمُؤْنَةِ فِي إصْلَاحِ صِغَارِ وَلَدِهِ مِنْ رَضَاعٍ وَنَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَخِدْمَةٍ دُونَ أُمِّهِ وَفِيهِ دَلَالَةُ أَنَّ النَّفَقَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْمِيرَاثِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} مِنْ أَنْ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا لَا أَنَّ عَلَيْهَا النَّفَقَةَ.

(قَالَ): فَيُنْفِقُ الرَّجُلُ عَلَى وَلَدِهِ حَتَّى يَبْلُغُوا الْحُلُمَ أَوْ الْمَحِيضَ ثُمَّ لَا نَفَقَةَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا زَمْنَى فَيُنْفِقُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانُوا لَا يُغْنُونَ أَنْفُسَهُمْ وَكَذَلِكَ وَلَدُ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفُلُوا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَبٌ دُونَهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَنَفَقَتُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَيِّعَ شَيْئًا مِنْهُ فَكَذَلِكَ هُوَ ابْنُهُ إذَا كَانَ الْوَالِدُ زَمِنًا لَا يُغْنِي نَفْسَهُ وَلَا عِيَالَهُ وَلَا حِرْفَةَ لَهُ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ

<<  <   >  >>