للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُدْلِينَ بِهِ وَالْجَدُّ أَبُو الْأَبِ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَبٌ أَوْ كَانَ غَائِبًا أَوْ غَيْرَ رَشِيدٍ وَكَذَلِكَ أَبُو أَبِي الْأَبِ وَكَذَلِكَ الْعُصْبَةُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ مِنْهُمْ مَعَ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِهَا، وَإِذَا أَرَادَ الْأَبُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الْبَلَدِ الَّذِي نَكَحَ بِهِ الْمَرْأَةَ كَانَ بَلَدُهُ أَوْ بَلَدُهَا فَسَوَاءٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا قَالَ: أَرَدْت النَّقْلَةَ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالْوَلَدِ مُرْضِعًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْعُصْبَةُ إلَّا أَنْ تَخْرُجَ الْأُمُّ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَتَكُونُ أَوْلَى وَلَا حَقَّ لِمَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ فِي وَلَدِ الْحُرِّ وَإِذَا كَانَ وَلَدُ الْحُرِّ مَمَالِيكَ فَسَيِّدُهُمْ أَحَقُّ بِهِمْ وَإِذَا كَانُوا مِنْ حُرَّةٍ وَأَبُوهُمْ مَمْلُوكٌ فَهِيَ أَحَقُّ بِهِمْ وَلَا يُخَيَّرُونَ فِي وَقْتِ الْخِيَارِ

بَابٌ: نَفَقَةُ الْمَمَالِيكِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ بَكْرٍ أَوْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ شَكَّ " عَنْ عَجْلَانَ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» (قَالَ): فَعَلَى مَالِكِ الْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الْبَالِغَيْنِ إذَا شَغَّلَهُمَا فِي عَمَلٍ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِمَا وَيَكْسُوَهُمَا بِالْمَعْرُوفِ وَذَلِكَ نَفَقَةُ رَقِيقِ بَلَدِهِمَا الشِّبَعَ لِأَوْسَاطِ النَّاسِ الَّذِي تَقُومُ بِهِ أَبْدَانُهُمْ مِنْ أَيِّ الطَّعَامِ كَانَ قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا أَوْ ذُرَةً أَوْ تَمْرًا وَكِسْوَتُهُمْ كَذَلِكَ مِمَّا يَعْرِفُ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنَّهُ مَعْرُوفٌ صُوفٌ أَوْ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ الْأَغْلَبَ بِذَلِكَ الْبَلَدِ وَكَانَ لَا يُسَمَّى مِثْلُهُ ضِيقًا بِمَوْضِعِهِ وَالْجَوَارِي إذَا كَانَتْ لَهُنَّ فَرَاهَةٌ وَجَمَالٌ فَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُنَّ يُكْسَيْنَ أَحْسَنَ مِنْ كِسْوَةِ اللَّائِي دُونَهُنَّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي الْمَمْلُوكِينَ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْجَوَابِ فَيَسْأَلُ السَّائِلُ عَنْ مَمَالِيكِهِ، وَإِنَّمَا يَأْكُلُ تَمْرًا أَوْ شَعِيرًا وَيَلْبَسُ صُوفًا فَقَالَ: أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَاكْسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَالسَّائِلُونَ عَرَبٌ وَلُبُوسُ عَامَّتِهِمْ وَطَعَامُهُمْ خَشِنٌ وَمَعَاشُهُمْ وَمَعَاشُ رَقِيقِهِمْ مُتَقَارِبٌ فَأَمَّا مَنْ خَالَفَ مَعَاشَ السَّلَفِ فَأَكَلَ رَقِيقَ الطَّعَامِ وَلَبِسَ جَيِّدَ الثِّيَابِ فَلَوْ آسَى رَقِيقَهُ كَانَ أَحْسَنَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَفَقَتُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» فَأَمَّا مَنْ لَبِسَ الْوَشْيَ وَالْمَرْوِيَّ وَالْخَزَّ، وَأَكَلَ النَّقِيَّ وَأَلْوَانَ لُحُومِ الدَّجَاجِ فَهَذَا لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ لِلْمَمَالِيكِ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا كَفَى أَحَدَكُمْ خَادِمَهُ طَعَامَهُ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فَلْيَدْعُهُ فَلْيُجْلِسْهُ مَعَهُ فَإِنْ أَبَى فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمَةً فَيُنَاوِلْهُ إيَّاهَا» أَوْ كَلِمَةً هَذَا مَعْنَاهَا، فَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمَةً " كَانَ هَذَا عِنْدَنَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى وَجْهَيْنِ أَوْلَاهُمَا بِمَعْنَاهُ أَنَّ إجْلَاسَهُ مَعَهُ أَفْضَلُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ إذْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " وَإِلَّا فَلْيُرَوِّغْ لَهُ لُقْمَةً "؛ لِأَنَّ إجْلَاسَهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يُرَوِّغَ لَهُ لُقْمَةً دُونَ أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ أَوْ يَكُونَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُنَاوِلَهُ أَوْ يُجْلِسَهُ وَقَدْ يَكُونُ أَمَرَ اخْتِيَارٍ غَيْرِ الْحَتْمِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ بَيَانِ طَعَامِ الْمَمْلُوكِ وَطَعَامِ سَيِّدِهِ وَالْمَمْلُوكُ الَّذِي يَلِي طَعَامَ الرَّجُلِ مُخَالِفٌ عِنْدِي لِلْمَمْلُوكِ الَّذِي لَا يَلِي طَعَامَهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يُقَرَّبُ إلَيْهِ، وَلَوْ لُقْمَةً، فَإِنَّ الْمَعْرُوفَ أَنْ لَا يَكُونَ يَرَى طَعَامًا قَدْ وَلِيَ الْعَمَلَ فِيهِ ثُمَّ لَا يَنَالُ مِنْهُ شَيْئًا يَرُدُّ بِهِ شَهْوَتَهُ وَأَقَلُّ مَا يَرُدُّ بِهِ شَهْوَتَهُ لُقْمَةٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَمَالِيكِ لَمْ يَلِهِ وَلَمْ يَرَهُ، وَالسُّنَّةُ خَصَّتْ هَذَا مِنْ الْمَمَالِيكِ دُونَ غَيْرِهِ وَفِي الْقُرْآنِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا يُوَافِقُ بَعْضَ مَعْنَى هَذَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} وَلَمْ يَقُلْ: يُرْزَقُ مِثْلُهُمْ مِمَّنْ لَمْ يَحْضُرْ وَقِيلَ ذَلِكَ فِي الْمَوَارِيثِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْغَنَائِمِ، وَهَذَا أَوْسَعُ وَأَحَبُّ إلَيَّ وَيُعْطَوْنَ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ الْمُعْطِي بِلَا تَوْقِيتٍ وَلَا يُحْرَمُونَ وَمَعْنَى لَا يُكَلَّفُ مِنْ

<<  <   >  >>