للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّيِّدُ إلَّا الْبَعِيرَ الَّذِي وَجَبَ بِالْجُرْحِ وَهُوَ عَبْدُهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَهَذَا أَقْيَسُ بِقَوْلِهِ وَأَوْلَى عِنْدِي بِأَصْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُزِدْهُ عَلَى بَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْجُرْحِ وَهُوَ عَبْدُهُ فَفِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يَنْقُصَهُ، وَإِنْ جَاوَزَ عَقْلَ حُرٍّ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْجُرْحِ وَهُوَ عَبْدٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَعَلَى الْمُتَغَلِّبِ بِاللُّصُوصِيَّةِ وَالْمَأْمُورِ الْقَوْدُ إذَا كَانَ قَاهِرًا لِلْمَأْمُورِ وَعَلَى السَّيِّدِ الْقَوْدُ إذَا أَمَرَ عَبْدَهُ صَبِيًّا أَوْ أَعْجَمِيًّا لَا يَعْقِلُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَعْقِلُ فَعَلَى الْعَبْدِ الْقَوْدُ، وَلَوْ كَانَا لِغَيْرِهِ فَكَانَا يُمَيِّزَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِمَا فَهُمَا قَاتِلَانِ، وَإِنْ كَانَا لَا يُمَيِّزَانِ فَالْآمِرُ الْقَاتِلُ وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.

وَلَوْ قَتَلَ مُرْتَدٌّ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ رَجَعَ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَهُوَ أَوْلَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَتْلٌ وَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَرُّ عَلَى دِينِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ أَبَانَ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَاهُمَا فَالْأَوْلَى أَحَقُّ بِالصَّوَابِ وَقَدْ دَلَّ قَوْلُهُ فِي رَفْعِ الْقَوَدِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ نَصْرَانِيًّا يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ لَكَانَ الْقَوَدُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِذَا كَانَ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي يُقَرُّ عَلَى دِينِهِ الْحَرَامُ الدَّمِ إذَا أَسْلَمَ يُقْتَلُ بِالنَّصْرَانِيِّ فَالْمُبَاحُ الدَّمُ بِالرِّدَّةِ أَحَقُّ أَنْ يُقَادَ بِالنَّصْرَانِيِّ، وَإِنْ أَسْلَمَ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيُقْتَلُ الذَّابِحُ دُونَ الْمُمْسِكِ كَمَا يُحَدُّ الزَّانِي دُونَ الْمُمْسِكِ، وَلَوْ ضَرَبَهُ بِمَا الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَقْطَعُ عُضْوًا أَوْ يُوضِحُ رَأْسًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ.

وَلَوْ عَمَدَ عَيْنَهُ بِأُصْبُعِهِ فَفَقَأَهَا اُقْتُصَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ يَأْتِي مِنْهَا عَلَى مَا يَأْتِي بِهِ السِّلَاحُ مِنْ النَّفْسِ، وَإِنْ لَمْ تَنْفَقِئْ وَاعْتَلَّتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا أَوْ اُنْتُجِفَتْ فَفِيهَا الْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ إلَّا السَّكْرَانَ فَإِنَّهُ كَالصَّحِيحِ.

وَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ ذَكَرَ خُنْثَى مُشْكِلٍ وَأُنْثَيَيْهِ وَشَفْرَيْهِ عَمْدًا قِيلَ: إنْ شِئْت وَقَفْنَاك فَإِنْ بِنْت ذَكَرًا أَقَدْنَاك فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ وَجَعَلْنَا لَك حُكُومَةً فِي الشَّفْرَيْنِ، وَإِنْ بِنْت أُنْثَى فَلَا قَوَدَ لَك وَجَعَلْنَا لَك دِيَةَ امْرَأَةٍ فِي الشَّفْرَيْنِ وَحُكُومَةً فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ (قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَقِيَّةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ تَشَأْ أَنْ تَقِفَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُك وَعَفَوْت عَنْ الْقِصَاصِ وَبَرَأَتْ فَلَكَ دِيَةُ شَفْرَيْ امْرَأَةٍ وَحُكُومَةٌ فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَقَلُّ، وَإِنْ قُلْت: لَا أَعْفُو وَلَا أَقِفُ قِيلَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَصَّ مِمَّا لَا يُدْرَى أَيُّ الْقِصَاصِ لَك فَلَا بُدَّ لَك مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى مَا وَصَفْنَا.

بَابُ الْخِيَارِ فِي الْقِصَاصِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «ثُمَّ أَنْتُمْ يَا بَنِي خُزَاعَةَ قَدْ قَتَلْتُمْ هَذَا الْقَتِيلَ مِنْ هُذَيْلٍ وَأَنَا وَاَللَّهِ عَاقِلُهُ فَمَنْ قَتَلَ قَتِيلًا بَعْدَهُ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا قَتَلُوا وَإِنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْعَقْلَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْعَقْلَ يُوَرَّثُ كَالْمَالِ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَكُلُّ وَارِثٍ وَلِيَ زَوْجَةً أَوْ ابْنَةً لَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ وِلَايَةِ الدَّمِ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَحُبِسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيَبْلُغَ الطِّفْلُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَعْتُوهٌ فَحَتَّى يُفِيقَ أَوْ يَمُوتَ فَيَقُومَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ وَأَيُّهُمْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ كَانَ عَلَى حَقِّهِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ كَانَ الْبَاقُونَ عَلَى حُقُوقِهِمْ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ عَفَوْا جَمِيعًا وَعَفَا الْمُفْلِسُ يُجْنَى عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ الْقِصَاصُ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الدَّيْنِ وَالْوَصَايَا مَنْعُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يُمْلَكُ بِالْعَمْدِ إلَّا بِمَشِيئَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حَيًّا وَبِمَشِيئَةِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ مَيِّتًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَيْسَ يُشْبِهُ هَذَا الِاعْتِلَالُ أَصْلَهُ؛ لِأَنَّهُ احْتَجَّ فِي أَنَّ الْعَفْوَ يُوجِبُ الدِّيَةَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا قَالَ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: عَفَا إنْ صُولِحَ

<<  <   >  >>