للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِزِيَادَةِ الْأُصْبُعِ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ هُوَ الْقَاطِعُ كَانَ لِلْمَقْطُوعِ قَطْعُ يَدِهِ وَحُكُومَةُ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَلَا أُبْلِغُ بِهَا أَرْشَ أُصْبُعٍ، وَلَوْ قَطَعَ لَهُ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفَانِ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ أُصْبُعِهِ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ وَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ مِثْلُهَا أُقِيدَ بِهَا وَلَا حُكُومَةَ، فَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ طَرَفَانِ وَلِلْمَقْطُوعِ وَاحِدٌ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ.

(قَالَ): وَلَوْ قَطَعَ أُنْمُلَةَ طَرَفٍ وَمِنْ آخَرَ الْوُسْطَى مِنْ أُصْبُعٍ وَاحِدٍ فَإِنْ جَاءَ الْأَوَّلُ قَبْلُ اُقْتُصَّ لَهُ ثُمَّ الْوُسْطَى، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْوُسْطَى قِيلَ: لَا قِصَاصَ لَك إلَّا بَعْدَ الطَّرَفِ وَلَك الدِّيَةُ.

(قَالَ): وَلَا أُقِيدَ بِيُمْنَى يُسْرَى وَلَا بِيُسْرَى يُمْنَى.

(قَالَ): وَلَوْ قَلَعَ سِنَّهُ أَوْ قَطَعَ أُذُنَهُ ثُمَّ إنَّ الْمَقْطُوعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَلْصَقَهُ بِدَمِهِ وَسَأَلَ الْقَوَدَ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِإِبَانَتِهِ وَكَذَلِكَ الْجَانِي لَا يُقْطَعُ ثَانِيَةً إذَا أُقِيدَ مِنْهُ مَرَّةً إلَّا بِأَنْ يَقْطَعَ لِأَنَّهَا مَيِّتَةٌ.

(قَالَ): وَيُقَادُ بِذَكَرِ رَجُلٍ شَيْخٍ وَخَصِيٍّ وَصَبِيٍّ وَاَلَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ كَانَ الذَّكَرُ يَنْتَشِرُ أَوْ لَا يَنْتَشِرُ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ شَلَلٌ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يَنْقَبِضَ أَوْ يَنْبَسِطَ وَبِأُنْثَيَيْ الْخَصِيِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ طَرَفٌ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُقَادَ مِنْ إحْدَى أُنْثَيَيْ رَجُلٍ بِلَا ذَهَابِ الْأُخْرَى أُقِيدَ مِنْهُ وَإِنْ قَطَعَهُمَا فَفِيهِمَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ تَامَّةً، فَإِنْ قَالَ الْجَانِي جَنَيْت عَلَيْهِ وَهُوَ مَوْجُوءٌ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: بَلْ صَحِيحٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَغِيبُ عَنْ أَبْصَارِ النَّاسِ وَلَا يَجُوزُ كَشْفُهُ لَهُمْ.

(قَالَ): وَيُقَادُ أَنْفُ الصَّحِيحِ بِأَنْفِ الْأَخْرَمِ مَا لَمْ يَسْقُطْ أَنْفُهُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهُ وَأُذُنُ الصَّحِيحِ بِأُذُنِ الْأَصَمِّ وَإِنْ قَلَعَ سِنَّ مَنْ قَدْ أَثْغَرَ قُلِعَ سِنُّهُ فَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعُ سِنُّهُ لَمْ يُثْغِرْ فَلَا قَوَدَ حَتَّى يُثْغِرَ فيتتام طَرْحُهُ أَسْنَانَهُ وَنَبَاتُهَا، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ سِنُّهُ وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ: لَا يَنْبُتُ؛ أَقَدْنَاهُ وَلَوْ قَلَعَ لَهُ سِنًّا زَائِدَةً فَفِيهَا حُكُومَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْقَالِعِ مِثْلُهَا فَيُقَادُ مِنْهُ وَمَنْ اقْتَصَّ حَقَّهُ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ عُزِّرَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ الْمُقْتَصُّ: أَخْرِجْ يَمِينَك فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ فَقَطَعَهَا، وَقَالَ: عَمَدْت وَأَنَا عَالِمٌ فَلَا عَقْلَ وَلَا قِصَاصَ فَإِذَا بَرِئَ اقْتَصَّ مِنْ يَمِينِهِ وَإِنْ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ أَوْ رَأَيْت أَنَّ الْقِصَاصَ بِهَا يَسْقُطُ عَنْ يَمِينِي لَزِمَ الْمُقْتَصَّ دِيَةُ الْيَدِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي سَرِقَةٍ لَمْ يَقْطَعْ يَمِينَهُ وَلَا يُشْبِهُ الْحَدُّ حُقُوقَ الْعِبَادِ، وَلَوْ قَالَ الْجَانِي: مَاتَ مِنْ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَقَالَ الْوَلِيُّ: مَاتَ مِنْ غَيْرِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ.

(قَالَ): وَيُحْضِرُ الْإِمَامُ الْقِصَاصَ عَدْلَيْنِ عَاقِلَيْنِ حَتَّى لَا يُقَادَ إلَّا بِحَدِيدَةٍ حَادَّةٍ مُسْقَاةٍ وَيَتَفَقَّدُ حَدِيدَهُ لِئَلَّا يُسَمَّ فَيَقْتُلَ فَيَقْطَعَ مِنْ حَيْثُ قُطِعَ بِأَيْسَرِ مَا يَكُونُ بِهِ الْقَطْعُ وَيُرْزَقُ مَنْ يُقِيمُ الْحُدُودَ وَيَأْخُذُ الْقِصَاصَ مِنْ سَهْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْخُمُسِ كَمَا يُرْزَقُ الْحُكَّامُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ الْأَجْرُ كَمَا عَلَيْهِ أَجْرُ الْكَيَّالِ وَالْوَزَّانِ فِيمَا يَلْزَمُهُ.

بَابُ عَفْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ يَمُوتُ وَغَيْرِ ذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَمْدًا: قَدْ عَفَوْت عَنْ جِنَايَتِهِ مِنْ قَوَدٍ وَعَقْلٍ ثُمَّ صَحَّ جَازَ فِيمَا لَزِمَهُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَمْ يَجُزْ فِيمَا لَزِمَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ حِينَ عَفَا، وَلَوْ قَالَ: قَدْ عَفَوْت عَنْهَا وَمَا يَحْدُثُ مِنْهَا مِنْ عَقْلٍ وَقَوَدٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْهَا فَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَوَدِ لِلْعَفْوِ وَنُظِرَ إلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَكَانَ فِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ جَائِزٌ الْعَفْوُ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْعَافِي كَأَنَّهَا مُوضِحَةٌ فَهِيَ نِصْفُ الْعَشْرِ وَيُؤْخَذُ بِبَاقِي الدِّيَةِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يُؤْخَذَ بِجَمِيعِ الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَفْسًا وَهَذَا قَاتِلٌ لَا يَجُوزُ لَهُ وَصِيَّةٌ بِحَالٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذَا أَوْلَى بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ فَلَمَّا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ جَمِيعُهَا وَلِأَنَّهُ قَطَعَ بِأَنَّهُ لَوْ عَفَا وَالْقَاتِلُ عَبْدٌ جَازَ الْعَفْوُ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ.

(قَالَ): وَإِنَّمَا أَجَزْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا وَلِأَنَّهُ قَالَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ: لَوْ عَفَا عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ جَازَ عَفْوُهُ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِغَيْرِ قَاتِلٍ.

(قَالَ

<<  <   >  >>