للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَعَلَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ قَوَّمَهَا إلَّا فِي حِينٍ وَبَلَدٌ أَعْوَزَتْ فِيهِ أَوْ يَتَرَاضَى الْجَانِي وَالْوَلِيُّ فَيَدُلُّ عَلَى تَقْوِيمِهِ لِلْإِعْوَازِ قَوْلُهُ: لَا يُكَلَّفُ أَعْرَابِيٌّ الذَّهَبَ وَلَا الْوَرِقَ؛ لِأَنَّهُ يَجِدُ الْإِبِلَ وَأَخْذُهُ ذَلِكَ مِنْ الْقَرَوِيِّ لِإِعْوَازِ الْإِبِلِ فِيمَا أَرَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ جَازَ أَنْ يُقَوَّمَ بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ جَعَلْنَا عَلَى أَهْلِ الْخَيْلِ الْخَيْلَ وَعَلَى أَهْلِ الطَّعَامِ الطَّعَامَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَوْلُهُ الْقَدِيمُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَرُجُوعُهُ عَنْ الْقَدِيمِ رَغْبَةٌ عَنْهُ إلَى الْجَدِيدِ وَهُوَ بِالسُّنَّةِ أَشْبَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ الَّتِي تُبْرِزُ الْعَظْمَ حَتَّى يُقْرَعَ بِالْمِرْوَدِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى الْأَسْمَاءِ صَغُرَتْ أَوْ كَبِرَتْ شَانَتْ أَوْ لَمْ تَشِنْ وَلَوْ كَانَ وَسَطُهَا مَا لَمْ يَنْخَرِقْ فَهِيَ مُوضِحَتَانِ، فَإِنْ قَالَ: شَقَقْتهَا مِنْ رَأْسِي وَقَالَ الْجَانِي: بَلْ تَآكَلَتْ مِنْ جِنَايَتِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا وَجَبَتَا لَهُ فَلَا يُبْطِلُهُمَا إلَّا إقْرَارُهُ أَوْ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ.

(وَقَالَ) فِي الْهَاشِمَةِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ الَّتِي تُوضِحُ وَتُهَشِّمُ وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ الَّتِي تَكْسِرُ عَظْمَ الرَّأْسِ حَتَّى يَتَشَظَّى فَيُنْقَلُ مِنْ عِظَامِهِ لِيَلْتَئِمَ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ إلَى جِلْدِ الدِّمَاغِ وَلَمْ أَعْلَمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ فَفِيمَا دُونَهَا حُكُومَةٌ لَا يُبْلَغُ بِهَا قَدْرُ مُوضِحَةٍ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْنُ أَكْثَرَ وَفِي كُلِّ جُرْحٍ مَا عَدَا الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ حُكُومَةٌ إلَّا الْجَائِفَةَ فَفِيهَا ثُلُثُ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ بَطْنٍ أَوْ ظَهْرِ صَدْرٍ أَوْ ثُغْرَةِ نَحْرٍ فَهِيَ جَائِفَةٌ وَفِي الْأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ وَيُتَغَفَّلُ، وَيُصَاحُ بِهِ فَإِنْ أَجَابَ عُرِفَ أَنَّهُ يَسْمَعُ وَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِبْ عِنْدَ غفلانه وَلَمْ يَفْزَعْ إذَا صِيحَ بِهِ حَلَفَ لَقَدْ ذَهَبَ سَمْعُهُ وَأَخَذَ الدِّيَةَ وَفِي ذَهَابِ الْعَقْلِ الدِّيَةُ وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي ذَهَابِ بَصَرِهِمَا الدِّيَةُ فَإِنْ نَقَصَتْ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى اخْتَبَرْته بِأَنْ أَعْصَبَ عَيْنَهُ الْعَلِيلَةَ وَأُطْلَقَ الصَّحِيحَةَ وَأَنْصِبَ لَهُ شَخْصًا عَلَى رَبْوَةٍ أَوْ مُسْتَوًى فَإِذَا أَثْبَتَهُ بِعِدَّتِهِ حَتَّى يَنْتَهِيَ بَصَرُهَا ثُمَّ أَذْرَعَ بَيْنَهُمَا وَأُعْطِيَهُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَتْ عَنْ الصَّحِيحَةِ، وَلَوْ قَالَ: جَنَيْت عَلَيْهِ وَهُوَ ذَاهِبُ الْبَصَرِ فَعَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ يُبْصِرُ وَيَسَعُهَا أَنْ تَشْهَدَ إذَا رَأَتْهُ يُتْبِعُ الشَّخْصَ بَصَرَهُ وَيَطْرِفُ عَنْهُ وَيَتَوَقَّاهُ وَكَذَلِكَ الْمَعْرِفَةُ بِانْبِسَاطِ الْيَدِ وَالذَّكَرِ وَانْقِبَاضِهِمَا، وَكَذَلِكَ الْمَعْتُوهُ وَالصَّبِيُّ وَمَتَى عُلِمَ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَهُوَ عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى يُعْلَمَ غَيْرُهَا.

(قَالَ): وَفِي الْجُفُونِ إذَا اُسْتُؤْصِلَتْ الدِّيَةُ وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبُعُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَمَامِ خِلْقَتِهِ وَمَا يَأْلَمُ بِقَطْعِهِ وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ مَارِنُهُ جَدْعًا الدِّيَةُ وَفِي ذَهَابِ الشَّمِّ الدِّيَةُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ إذَا اُسْتُوْعِبَتَا وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَإِنْ خَرِسَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُ كَلَامِهِ اُعْتُبِرَ عَلَيْهِ بِحُرُوفِ الْمُعْجَمِ ثُمَّ كَانَ مَا ذَهَبَ مِنْ عَدَدِ الْحُرُوفِ بِحِسَابِهِ، وَإِنْ قَطَعَ رُبُعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بِأَقَلَّ مِنْ رُبُعِ الْكَلَامِ فَرُبُعُ الدِّيَةِ وَإِنْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي لِسَانِ الصَّبِيِّ إذَا حَرَّكَهُ بِبُكَاءٍ أَوْ بِشَيْءٍ يُغَيِّرُ اللِّسَانَ الدِّيَةُ وَفِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ حُكُومَةٌ، فَإِنْ قَالَ: لَمْ أَكُنْ أَبْكَمَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ نَاطِقٌ فَهُوَ نَاطِقٌ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُ ذَلِكَ.

(قَالَ): وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إذَا كَانَ قَدْ أَثْغَرَ فَإِنْ لَمْ يُثْغِرْ اُنْتُظِرَ بِهِ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ تَمَّ عَقْلُهَا وَإِنْ نَبَتَتْ فَلَا عَقْلَ لَهَا وَالضِّرْسُ سِنٌّ وَإِنْ سُمِّيَ ضِرْسًا كَمَا أَنَّ الثَّنِيَّةَ سِنٌّ وَإِنْ سُمِّيَتْ ثَنِيَّةً وَكَمَا أَنَّ اسْمَ الْإِبْهَامِ غَيْرُ اسْمِ الْخِنْصَرِ وَكِلَاهُمَا أُصْبُعٌ وَعَقْلُ كُلِّ أُصْبُعٍ سَوَاءٌ، فَإِنْ نَبَتَتْ سِنُّ رَجُلٍ قُلِعَتْ بَعْدَ أَخْذِهِ أَرْشَهَا، قَالَ فِي مَوْضِعٍ: يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَا يَرُدُّ شَيْئًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا أَقْيَسُ فِي مَعْنَاهُ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَظِرْ بِسِنِّ الرَّجُلِ كَمَا انْتَظَرَ بِسِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ هَلْ تَنْبُتُ أَمْ لَا؟ فَدَلَّ ذَلِكَ عِنْدِي مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ عَقْلَهَا أَوْ الْقَوَدَ مِنْهَا قَدْ تَمَّ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَانْتَظَرَ كَمَا انْتَظَرَ بِسِنِّ مَنْ لَمْ يُثْغِرْ، وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَأَخَذَ أَرْشَهُ ثُمَّ نَبَتَ صَحِيحًا لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا، وَلَوْ قَطَعَهُ آخَرُ

<<  <   >  >>