للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ فَمَتَى عَتَقَ لَزِمَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) فَكَمَا لَمْ يَضُرَّ سَيِّدَهُ إقْرَارُهُ بِمَا يُوجِبُ الْمَالَ فَكَذَلِكَ لَا يَضُرُّ عَاقِلَةَ الْحُرِّ قَوْلُهُ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهِمْ الْمَالَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ سَكْرَانَ لَمْ يَحْلِفْ حَتَّى يَصْحُوَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ وَلَا يُمَيِّزُ وَقَدْ قِيلَ: لَا يَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ إلَّا بِخَمْسِينَ يَمِينًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يُحْتَسَبُ لَهُمْ يَمِينٌ غَيْرُهُ، وَهَكَذَا الدَّعْوَى فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ فِي الْيَدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ وَفِي الْمُوضِحَةِ ثَلَاثَةُ أَيْمَانَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ قَالَ فِي أَوَّلِ بَابٍ مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ فِي دُونِ النَّفْسِ وَهَذَا عِنْدِي أَوْلَى بِقَوْلِ الْعُلَمَاءِ.

بَابُ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} يَعْنِي فِي قَوْمٍ فِي دَارِ حَرْبٍ خَاصَّةً وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ قَوَدًا وَلَا دِيَةً إذَا قَتَلَهُ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ مُسْلِمًا وَذَلِكَ أَنْ يُغِيرَ أَوْ يَقْتُلَهُ فِي سَرِيَّةٍ أَوْ يَلْقَاهُ مُنْفَرِدًا بِهَيْئَةِ الْمُشْرِكِينَ وَفِي دَارِهِمْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

(قَالَ): {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ فِي الْخَطَأِ وَفِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ أَوْلَى.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاحْتُجَّ بِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً سَوَاءٌ إلَّا فِي الْمَأْثَمِ فَكَذَلِكَ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً سَوَاءٌ إلَّا فِي الْمَأْثَمِ.

بَابُ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ مِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرِثُ قَاتِلٌ خَطَأً وَلَا عَمْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَحْرُمُ الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّ الْقَلَمَ عَنْهُمَا مَرْفُوعٌ، وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ: لَا يَرِثُ قَاتِلُ عَمْدٍ وَلَا يَرِثُ قَاتِلُ خَطَأٍ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ سَائِرِ مَالِهِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: هَلْ رَأَيْتُمْ وَارِثًا يَرِثُ بَعْضَ مَالِ رَجُلٍ دُونَ بَعْضٍ إمَّا أَنْ يَرِثَ الْكُلَّ أَوْ لَا يَرِثَ شَيْئًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَدْخُلُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ وَبَيْنَ الْبَالِغِ الْخَاطِئِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَيَجْعَلُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ الدِّيَةَ وَيَرْفَعُ عَنْهُمْ الْمَأْثَمَ فَكَيْفَ وَرِثَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ وَهُمْ سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى.

(قَالَ): وَيَدْخُلُ عَلَى أَصْحَابِنَا مَا دَخَلَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَيْسَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَاتِلِ خَطَأٍ لَا يَرِثُ وَقَاتِلِ عَمْدٍ خَبَرٌ يَلْزَمُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كَانَتْ فِيهِ الْحُجَّةُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَمَعْنَى تَأْوِيلِهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ فَرْقٌ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي أَنَّهُمَا لَا يَرِثَانِ وَقَدْ قَطَعَ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَقَالَ: إذَا قَتَلَ الْعَادِلُ الْبَاغِيَ، أَوْ الْبَاغِي الْعَادِلَ لَا يَتَوَارَثَانِ؛ لِأَنَّهُمَا قَاتِلَانِ قَالَ وَهَذَا أَشْبَهُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ.

<<  <   >  >>