للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ إذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَصُلِّبُوا وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَلَمْ يُصَلَّبُوا وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلُوا قُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ وَنَفْيُهُمْ إذَا هَرَبُوا أَنْ يُطْلَبُوا حَتَّى يُؤْخَذُوا فَيُقَامَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَبِهَذَا أَقُولُ وَقُطَّاعُ الطَّرِيقِ هُمْ الَّذِينَ يَعْتَرِضُونَ بِالسِّلَاحِ الْقَوْمَ حَتَّى يَغْصِبُوهُمْ الْمَالَ فِي الصَّحَارِي مُجَاهَرَةً وَأَرَاهُمْ فِي الْمِصْرِ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَعْظَمَ ذَنْبًا فَحُدُودُهُمْ وَاحِدَةٌ، وَلَا يُقْطَعُ مِنْهُمْ إلَّا مَنْ أَخَذَ رُبُعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا قِيَاسًا عَلَى السُّنَّةِ فِي السَّارِقِ وَيُحَدُّ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ فِعْلِهِ فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ وَالصَّلْبُ قَتْلُهُ قَبْلَ صَلْبِهِ كَرَاهِيَةُ تَعْذِيبِهِ وَقَالَ فِي كِتَابِ قَتْلِ الْعَمْدِ: يُصَلَّبُ ثَلَاثًا ثُمَّ يُتْرَكُ.

(قَالَ): وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ دُونَ الصَّلْبِ قُتِلَ وَدُفِعَ إلَى أَهْلِهِ يُكَفِّنُونَهُ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ دُونَ الْقَتْلِ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ حُسِمَتْ بِالنَّارِ ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ حُسِمَتْ فِي مَكَان وَاحِدٍ ثُمَّ خُلِّيَ، وَمَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ وَكَثُرَ أَوْ هِيبَ أَوْ كَانَ رِدْءًا عُزِّرَ وَحُبِسَ، وَمَنْ قَتَلَ وَجَرَحَ أُقِصَّ لِصَاحِبِ الْجُرْحِ ثُمَّ قُطِعَ لَا يَمْنَعُ حَقُّ اللَّهِ حَقَّ الْآدَمِيِّينَ فِي الْجِرَاحِ وَغَيْرِهَا، وَمَنْ عَفَا الْجِرَاحَ كَانَ لَهُ وَمَنْ عَفَا النَّفْسَ لَمْ يُحْقَنْ بِذَلِكَ دَمُهُ وَكَانَ عَلَى الْإِمَامِ قَتْلُهُ إذَا بَلَغَتْ جِنَايَتُهُ الْقَتْلَ وَمَنْ تَابَ مِنْهُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَلَا تَسْقُطُ حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَسْقُطَ كُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ بِالتَّوْبَةِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ وَبِهِ أَقُولُ.

(قَالَ): وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ الرُّفْقَةِ أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَضُوا لَنَا فَنَالُونَا وَأَخَذُوا مَتَاعَنَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا خَصْمَانِ وَيَسَعُهُمَا أَنْ يَشْهَدَا أَنَّ هَؤُلَاءِ عَرَضُوا لِهَؤُلَاءِ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَا وَكَذَا وَأَخَذُوا مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا وَنَحْنُ نَنْظُرُ وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْشِفَهُمَا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ.

(قَالَ): وَإِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَى رَجُلٍ حُدُودٌ وَقَذْفٌ بُدِئَ بِحَدِّ الْقَذْفِ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ثُمَّ حُبِسَ فَإِذَا بَرَأَ حُدَّ فِي الزِّنَا مِائَةَ جَلْدَةٍ فَإِذَا بَرَأَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى مِنْ خِلَافٍ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى لِلسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ مَعًا وَرِجْلُهُ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ مَعَ يَدِهِ ثُمَّ قُتِلَ قَوَدًا، فَإِنْ مَاتَ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْحُدُودُ كُلُّهَا وَفِي مَالِهِ دِيَةُ النَّفْسِ.

بَابُ الْأَشْرِبَةِ وَالْحَدِّ فِيهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ وَفِيهِ الْحَدُّ قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ وَلَا يُحَدُّ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ: شَرِبْت الْخَمْرَ أَوْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ يَقُولَ: شَرِبْت مَا يُسْكِرُ أَوْ يَشْرَبَ مِنْ إنَاءٍ هُوَ وَنَفَرٌ فَيَسْكَرَ بَعْضُهُمْ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرَابَ مُسْكِرٌ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: لَا أُوتِيَ بِأَحَدٍ شَرِبَ خَمْرًا أَوْ نَبِيذًا مُسْكِرًا إلَّا جَلَدْته الْحَدَّ.

بَابُ عَدَدِ حَدِّ الْخَمْرِ وَمَنْ يَمُوتُ مِنْ ضَرْبِ الْإِمَامِ وَخَطَأِ السُّلْطَانِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَارِبٍ فَقَالَ اضْرِبُوهُ فَضَرَبُوهُ بِالْأَيْدِي وَالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ وَحَثَوْا عَلَيْهِ

<<  <   >  >>