للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ صَوْلِ الْفَحْلِ بَابُ دَفْعِ الرَّجُلِ عَنْ نَفْسِهِ وَحَرِيمِهِ وَمَنْ يَتَطَلَّعُ فِي بَيْتِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا طَلَبَ الْفَحْلُ رَجُلًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غُرْمٌ، كَمَا لَوْ حَمَلَ عَلَيْهِ مُسْلِمٌ بِالسَّيْفِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَّا بِضَرْبِهِ فَقَتَلَهُ بِالضَّرْبِ أَنَّهُ هَدْرٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» فَإِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَجُوزُ لَهُ كَانَ الْأَقَلُّ أَسْقَطَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ عَضَّ يَدَهُ رَجُلٌ فَانْتَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَتْ ثَنِيَّتَا الْعَاضِّ كَانَ ذَلِكَ هَدْرًا وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيك تَقْضِمُهَا كَأَنَّهَا فِي فِي فَحْلٍ» وَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ.

(قَالَ): وَلَوْ عَضَّهُ كَانَ لَهُ فَكُّ لَحْيَيْهِ بِيَدِهِ الْأُخْرَى، فَإِنْ عَضَّ قَفَاهُ فَلَمْ تَنَلْهُ يَدَاهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْزِعَ رَأْسَهُ مِنْ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلَهُ التَّحَامُلُ عَلَيْهِ بِرَأْسِهِ إلَى وَرَائِهِ وَمُصَعِّدًا وَمُنْحَدِرًا وَإِنْ غَلَبَهُ ضَبْطًا بِفِيهِ كَانَ لَهُ ضَرْبُ فِيهِ بِيَدِهِ حَتَّى يُرْسِلَهُ فَإِنْ بَعَجَ بَطْنَهُ بِسِكِّينٍ أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ بِيَدِهِ أَوْ ضَرَبَهُ فِي بَعْضِ جَسَدِهِ ضَمِنَ وَرُفِعَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَارِيَةٌ كَانَتْ تَحْتَطِبُ فَاتَّبَعَهَا رَجُلٌ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَرَمَتْهُ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرٍ فَقَتَلَتْهُ فَقَالَ عُمَرُ هَذَا قَتِيلُ اللَّهِ وَاَللَّهُ لَا يُودَى أَبَدًا.

(قَالَ): وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا فَقَالَ: وَجَدْته عَلَى امْرَأَتِي فَقَدْ أَقَرَّ بِالْقَوَدِ وَادَّعَى فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً قُتِلَ «قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إنْ وَجَدْتَ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَعَمْ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ.

(قَالَ): وَلَوْ تَطَلَّعَ إلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ نَقْبٍ فَطَعَنَهُ بِعُودٍ أَوْ رَمَاهُ بِحَصَاةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهَا فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدْرٌ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَظَرَ إلَى رَجُلٍ يَنْظُرُ إلَى بَيْتِهِ مِنْ حَجَرٍ وَبِيَدِهِ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَوْ أَعْلَمُ أَنَّك تَنْظُرُ لِي أَوْ تَنْظُرُنِي لَطَعَنْت بِهِ فِي عَيْنِك إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ».

وَلَوْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَأَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ فَلَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ ضَرْبُهُ وَإِنْ أَتَى عَلَى نَفْسِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - الَّذِي عُضَّ رَأْسُهُ فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ الْعَاضِّ أَوْلَى بِضَرْبِهِ وَدَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ.

بَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْبَهَائِمِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ «أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ فَقَضَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ وَمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَهَائِمِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا أَفْسَدَتْ مِنْ الزَّرْعِ بِاللَّيْلِ ضَمِنَهُ أَهْلُهَا وَمَا أَفْسَدَتْ بِالنَّهَارِ لَمْ يَضْمَنُوهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إنْ كَانَ الرَّجُلُ رَاكِبًا فَمَا أَصَابَتْ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا أَوْ فِيهَا أَوْ ذَنَبِهَا مِنْ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ مَنْعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنْ كُلِّ مَا أَتْلَفَتْ بِهِ أَحَدًا وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ الْمَقْطُورَةُ بِالْبَعِيرِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِدٌ لَهَا، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ يَسُوقُهَا وَلَا يَجُوزُ إلَّا ضَمَانُ مَا أَصَابَتْ الدَّابَّةُ تَحْتَ الرِّجْلِ وَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا حَمَلَهَا عَلَيْهِ فَوَطِئَتْهُ فَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ عَنْ يَدِهَا وَلَمْ يَضْمَنْ عَنْ رِجْلِهَا فَهَذَا تَحَكُّمٌ. وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ

<<  <   >  >>