للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ طَلُقَتْ بِالْحِنْثِ وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا لَمْ يَحْنَثْ فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك وَلَمْ يُوَقِّتْ فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ تَمُوتَ هِيَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، وَإِنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا مَنْ يُشْبِهُهَا أَوْ لَا يُشْبِهُهَا خَرَجَ مِنْ الْحِنْثِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا وَإِنْ مَاتَ وَرِثَتْهُ فِي قَوْلِ مَنْ يُوَرِّثُ الْمَبْتُوتَةَ إذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) قَدْ قَطَعَ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهَا لَا تَرِثُ (قَالَ الْمُزَنِيّ) وَهُوَ بِالْحَقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَرَّثَهَا مِنْهُ بِالْمَعْنَى الَّذِي وَرَّثَهُ بِهِ مِنْهَا فَلَمَّا ارْتَفَعَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَلَمْ يَرِثْهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَرِثَهُ.

بَابُ الْإِطْعَامِ فِي الْكَفَّارَةِ فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا وَمَنْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ وَغَيْرُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا قُلْنَا: يُجْزِي هَذَا «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِعِرْقٍ فِيهِ تَمْرٌ فَدَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يُطْعِمَهُ سِتِّينَ مِسْكِينًا» وَالْعِرْقُ فِيمَا يُقَدَّرُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَذَلِكَ سِتُّونَ مُدًّا فَلِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ فِي كُلِّ بِلَادٍ سَوَاءٌ وَلَا أَرَى أَنْ يُجْزِيَ دَرَاهِمُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَمْدَادِ وَمَا اقْتَاتَ أَهْلُ الْبُلْدَانِ مِنْ شَيْءٍ أَجْزَأَهُمْ مِنْهُ مُدٌّ وَيُجْزِي أَهْلُ الْبَادِيَةِ مُدُّ أَقِطٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَجَازَ الْأَقِطَ هَا هُنَا وَلَمْ يُجِزْهُ فِي الْفِطْرَةِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ بِلَادٍ قُوتٌ مِنْ طَعَامٍ سِوَى اللَّحْمَ أَدَّوْا مُدًّا مِمَّا يَقْتَاتُ أَقْرَبُ الْبُلْدَانِ إلَيْهِمْ وَيُعْطِي الرَّجُلُ الْكَفَّارَةَ وَالزَّكَاةَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ قَرَابَتِهِ وَهُمْ مَنْ عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ وَالزَّوْجَةَ إذَا كَانُوا أَهْلَ حَاجَةٍ فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ.

وَإِنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمْ تَطَوُّعًا وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ حُرًّا مُسْلِمًا مُحْتَاجًا وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَعْطَى غَيْرَهُمْ فَعَلَيْهِ عِنْدِي أَنْ يُعِيدَ وَلَا يُطْعِمَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَاحْتَجَّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا مِائَةً وَعِشْرِينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ لَمْ يُجِزْهُ فَقَالَ: أَرَاك جَعَلْت وَاحِدًا سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} فَإِنْ شَهِدَ الْيَوْمَ شَاهِدٌ بِحَقٍّ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ فَشَهِدَ بِهِ فَقَدْ شَهِدَ بِهَا مَرَّتَيْنِ فَهُوَ كَشَاهِدَيْنِ فَإِنْ قَالَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْعَدَدَ قِيلَ: وَكَذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ لِلْمَسَاكِينِ الْعَدَدَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ أَطْعَمَ تِسْعَةً وَكَسَا وَاحِدًا لَمْ يُجِزْهُ حَتَّى يُطْعِمَ عَشَرَةً كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ ثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ مُخْتَلِفَةٍ فَأَعْتَقَ وَأَطْعَمَ وَكَسَا يَنْوِي الْكَفَّارَةَ وَلَا يَنْوِي عَنْ أَيُّهَا الْعِتْقَ وَلَا الْإِطْعَامَ وَلَا الْكِسْوَةَ أَجْزَأَهُ وَأَيُّهَا شَاءَ أَنْ يَكُونَ عِتْقًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كِسْوَةً كَانَ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ فَالنِّيَّةُ الْأُولَى تُجْزِئُهُ قَالَ: وَلَا يُجْزِي كَفَّارَةٌ حَتَّى يُقَدِّمَ النِّيَّةَ قَبْلَهَا أَوْ مَعَهَا، وَلَوْ كَفَّرَ عَنْهُ رَجُلٌ بِأَمْرِهِ أَجْزَأَهُ وَهَذِهِ كَهِبَتِهِ إيَّاهَا مِنْ مَالِهِ وَدَفْعِهِ إيَّاهَا بِأَمْرِهِ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ لِهِبَتِهِ لَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَنِّي فَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَانَ عِتْقُهُ مِثْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ كَالْقَبْضِ.

وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَفَّرَ عَنْ رَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَأَطْعَمَ أَوْ أَعْتَقَ لَمْ يُجِزْهُ وَكَانَ هُوَ الْمُعْتِقُ لِعَبْدِهِ فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْتَقَ عَنْ أَبَوَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُمَا.

وَلَوْ صَامَ

<<  <   >  >>