للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْإِمَامُ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ فَيَقْرَأُ فِيهَا بَعْدَ إتْيَانِهِمْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ وَيَثْبُتُ جَالِسًا وَتَقُومُ الطَّائِفَةُ فَتُتِمُّ لِأَنْفُسِهَا الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ، ثُمَّ تَجْلِسُ مَعَ الْإِمَامِ قَدْرَ مَا يَعْلَمُهُمْ تَشَهَّدُوا، ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَقَدْ صَلَّتْ الطَّائِفَتَانِ جَمِيعًا مَعَ الْإِمَامِ وَأَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَعَ إمَامِهَا مَا أَخَذَتْ الْأُخْرَى مِنْهُ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} الْآيَةُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ نَحْوَ ذَلِكَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالطَّائِفَةُ ثَلَاثَةٌ فَأَكْثَرُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَقَلَّ مِنْ طَائِفَةٍ وَأَنْ يَحْرُسَهُ أَقَلُّ مِنْ طَائِفَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ فَإِنْ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَحَسَنٌ وَإِنْ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ فَجَائِزٌ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا مَا بَقِيَ ثُمَّ يَثْبُتُ جَالِسًا حَتَّى تَقْضِيَ مَا بَقِيَ عَلَيْهَا ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةَ حَضَرٍ فَلْيَنْتَظِرْ جَالِسًا فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ قَائِمًا فِي الثَّالِثَةِ حَتَّى تُتِمَّ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهَا كَمَا وَصَفْت فِي الْأُخْرَى، وَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّو، ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا، ثُمَّ بِفِرْقَةٍ رَكْعَةً وَثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا كَانَ فِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي أَنَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ فَاسِدَةٌ وَتَتِمُّ صَلَاةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَتَا مِنْ صَلَاتِهِ قَبْلَ فَسَادِهَا؛ لِأَنَّ لَهُ انْتِظَارًا وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ وَتَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ عَلِمَ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ بِمَا صَنَعَ وَائْتَمَّ بِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ (قَالَ): وَأُحِبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَأْخُذَ سِلَاحَهُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا أَوْ يَمْنَعَهُ مِنْ الصَّلَاةِ، أَوْ يُؤْوِيَ بِهِ أَحَدًا، وَلَا يَأْخُذُ الرُّمْحَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَاشِيَةِ النَّاسِ، وَلَوْ سَهَا فِي الْأُولَى أَشَارَ إلَى مَنْ خَلْفَهُ بِمَا يَفْهَمُونَ أَنَّهُ سَهَا فَإِذَا قَضَوْا سَجَدُوا لِلسَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمُوا وَإِنْ لَمْ يَسْهُ هُوَ وَسَهَوْا هُمْ بَعْدَ الْإِمَامِ سَجَدُوا لِسَهْوِهِمْ وَتَسْجُدُ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مَعَهُ لِسَهْوِهِ فِي الْأُولَى، وَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُسَايَفَةُ وَالْتِحَامُ الْقِتَالِ وَمُطَارَدَةُ الْعَدُوِّ حَتَّى يَخَافُوا إنْ وَلَّوْا أَنْ يَرْكَبُوا أَكْتَافَهُمْ فَتَكُونُ هَزِيمَتُهُمْ فَيُصَلُّوا كَيْفَ أَمْكَنَهُمْ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَقُعُودًا عَلَى دَوَابِّهِمْ وَقِيَامًا فِي الْأَرْضِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ يُومِئُونَ بِرُءُوسِهِمْ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا}، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرِ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَالَ): وَلَوْ صَلَّى عَلَى فَرَسِهِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ رَكْعَةً، ثُمَّ أَمِنَ نَزَلَ فَصَلَّى أُخْرَى مُوَاجِهَةَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً آمِنًا، ثُمَّ سَارَ إلَى شِدَّةِ الْخَوْفِ فَرَكِبَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ عَمَلَ النُّزُولِ خَفِيفٌ وَالرُّكُوبَ أَكْثَرُ مِنْ النُّزُولِ (قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا: قَدْ يَكُونُ الْفَارِسُ أَخَفَّ رُكُوبًا وَأَقَلَّ شَغْلًا لِفُرُوسِيَّتِهِ مِنْ نُزُولِ ثَقِيلٍ غَيْرِ فَارِسٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضْرِبَ فِي الصَّلَاةِ الضَّرْبَةَ وَيَطْعَنَ الطَّعْنَةَ فَأَمَّا إنْ تَابَعَ الضَّرْبَ، أَوْ رَدَّدَ الطَّعْنَةَ فِي الْمَطْعُونِ أَوْ عَمِلَ مَا يَطُولُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَلَوْ رَأَوْا سَوَادًا أَوْ جَمَاعَةً، أَوْ إبِلًا فَظَنُّوهُمْ عَدُوًّا فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ يُومِئُونَ إيمَاءً، ثُمَّ بَانَ لَهُمْ أَنْ لَيْسَ عَدُوٌّ أَوْ شَكُّوا أَعَادُوا وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ لَا يُعِيدُونَ لِأَنَّهُمْ صَلَّوْا وَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ (قَالَ الْمُزَنِيّ) قُلْت أَنَا: أَشْبَهُ بِقَوْلِهِ عِنْدِي أَنْ يُعِيدُوا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ الْعَدُوُّ قَلِيلًا مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ وَالْمُسْلِمُونَ كَثِيرًا يَأْمَنُونَهُمْ فِي مُسْتَوًى لَا يَسْتُرهُمْ شَيْءٌ إنْ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ رَأَوْهُمْ صَلَّى الْإِمَامُ بِهِمْ جَمِيعًا وَرَكَعَ وَسَجَدَ بِهِمْ جَمِيعًا إلَّا صَفًّا يَلِيهِ، أَوْ بَعْضَ صَفٍّ يَنْظُرُونَ الْعَدُوَّ فَإِذَا قَامُوا بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ سَجَدَ الَّذِينَ حَرَسُوهُ أَوَّلًا إلَّا صَفًّا، أَوْ بَعْضَ صَفٍّ يَحْرُسْهُ مِنْهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا سَجْدَتَيْنِ

<<  <   >  >>