للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْضُهُمْ بَعْضًا جَعَلَ الْمِيرَاثَ لِلنَّصْرَانِيِّ، وَمَنْ رَأَى الْإِقْرَاعَ أَقْرَعَ فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ كَانَ الْمِيرَاثُ لَهُ وَمَنْ رَأَى أَنْ يَقْسِمَ إذَا تَكَافَأَتْ بَيِّنَتَاهُمَا جَعَلَهُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ بِالْإِشْكَالِ كَمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ لَوْ اخْتَلَطَ بِمُسْلِمِينَ مَوْتَى.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) أَشْبَهُ بِالْحَقِّ عِنْدِي أَنَّهُ إنْ كَانَ أَصْلُ دِينِهِ النَّصْرَانِيَّةَ فَاَللَّذَانِ شَهِدَا بِالْإِسْلَامِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُمَا عَلِمَا إيمَانًا حَدَثَ خَفِيَ عَلَى الْآخَرِينَ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا أَصْلُ دِينِهِ وَالْمِيرَاثُ فِي أَيْدِيهِمَا فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا طَائِرًا ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي فَلَمْ يَدْرِ أَبَلَغَ بِهِ الْأَوَّلَ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا أَوْ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ جَعَلْنَاهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَهَذَا وَذَاكَ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى حَالِهَا فَادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمُدَّعِيَيْنِ أَنَّهُ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ فَمَنْ أَبْطَلَ الْبَيِّنَةَ تَرَكَهَا فِي يَدَيْ صَاحِبِهَا وَمَنْ رَأَى الْإِقْرَاعَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا أَوْ يَجْعَلَهَا بَيْنَهُمَا مَعًا وَيُدْخِلُ عَلَيْهِ شَنَاعَةً وَأَجَابَ بِهَذَا الْجَوَابِ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيِّنَتَانِ أَنْ تَكُونَا صَادِقَتَيْنِ فِي مَوَاضِعَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَسَمِعْته يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا: لَوْ قَسَمْته بَيْنَهُمَا كُنْت لَمْ أَقْضِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدَعْوَاهُ وَلَا بِبَيِّنَتِهِ وَكُنْت عَلَى يَقِينٍ خَطَأٍ بِنَقْصِ مَنْ هُوَ لَهُ عَنْ كَمَالِ حَقِّهِ أَوْ بِإِعْطَاءِ الْآخَرِ مَا لَيْسَ لَهُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَدْ أَبْطَلَ الشَّافِعِيُّ الْقُرْعَةَ فِي امْرَأَتَيْنِ مُطَلَّقَةٍ وَزَوْجَةٍ وَأَوْقَفَ الْمِيرَاثَ حَتَّى يَصْطَلِحَا، وَأَبْطَلَ فِي ابْنَيْ أَمَتِهِ اللَّذَيْنِ أَقَرَّ أَنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ الْقُرْعَةُ فِي النَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ فَلَا يُشْبِهُ قَوْلُهُ فِي مِثْلِ هَذَا الْقُرْعَةَ وَقَدْ قَطَعَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى عَلَى كِتَابِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي امْرَأَةٍ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا هَذِهِ وَقَبَضَتْهَا وَأَقَامَ رَجُلٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ وَقَبَضَهَا قَالَ: أَبْطَلَ الْبَيِّنَتَيْنِ لَا يَجُوزُ إلَّا هَذَا أَوْ الْقُرْعَةُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا لَفْظُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقُرْعَةَ لَا تُشْبِهُ قَوْلَهُ فِي الْأَمْوَالِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَقَدْ قَالَ الْحُكْمُ فِي الثَّوْبِ لَا يُنْسَجُ إلَّا مَرَّةً وَالثَّوْبُ الْخَزُّ يُنْسَجُ مَرَّتَيْنِ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدَيْ أَخَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَأَقَرَّا أَنَّ أَبَاهُمَا هَلَكَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كُنْت مُسْلِمًا وَكَانَ أَبِي مُسْلِمًا، وَقَالَ الْآخَرُ: أَسْلَمْت قَبْلَ مَوْتِ أَبِي فَهِيَ لِلَّذِي اجْتَمَعَا عَلَى إسْلَامِهِ وَالْآخَرُ مُقِرٌّ بِالْكُفْرِ مُدَّعٍ الْإِسْلَامَ.

وَلَوْ قَالَتْ امْرَأَةُ الْمَيِّتِ وَهِيَ مُسْلِمَةٌ: زَوْجِي مُسْلِمٌ وَقَالَ وَلَدُهُ وَهُمْ كُفَّارٌ: بَلْ كَافِرٌ وَقَالَ أَخُو الزَّوْجِ وَهُوَ مُسْلِمٌ: بَلْ مُسْلِمٌ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَالْمِيرَاثُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَعْرِفَ إسْلَامَهُ مِنْ كُفْرِهِ بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ.

وَلَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ أَبَاهُ هَلَكَ وَتَرَكَ هَذِهِ الدَّارَ مِيرَاثًا لَهُ وَلِأَخِيهِ أَخْرَجْتهَا مِنْ يَدِي مَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ وَأَعْطَيْته مِنْهَا نَصِيبَهُ وَأَخْرَجْت نَصِيبَ الْغَائِبِ وَأَكْرَى لَهُ حَتَّى يَحْضُرَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَدَهُمْ وَقَفَ مَالَهُ وَتَلَوَّمَ بِهِ وَيَسْأَلُ عَنْ الْبُلْدَانِ الَّتِي وَطِئَهَا هَلْ لَهُ فِيهَا وَلَدٌ؟ فَإِذَا بَلَغَ الْغَايَةَ الَّتِي لَوْ كَانَ لَهُ فِيهَا وَلَدٌ لَعَرَفَهُ وَادَّعَى الِابْنُ أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَعْطَاهُ الْمَالَ بِالضَّمِينِ، وَحُكِيَ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ لَهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَإِذَا جَاءَ وَارِثٌ غَيْرُهُ آخُذُ الضُّمَنَاءَ بِحَقِّهِ وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الِابْنِ أَوْ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَلَا يَعْلَمُونَهُ فَارَقَهَا أَعْطَيْتهَا رُبُعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مِيرَاثَهَا مَحْدُودٌ لِلْأَكْثَرِ وَالْأَقَلُّ الثَّمَنُ وَرُبُعُ الثَّمَنِ وَمِيرَاثُ الِابْنِ غَيْرُ مَحْدُودٍ.

وَإِذَا مَاتَتْ زَوْجَتُهُ وَابْنُهُ مِنْهَا فَقَالَ أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَلِي مِيرَاثِي مَعَ زَوْجِهَا وَقَالَ زَوْجُهَا: بَلْ مَاتَتْ فَأُحْرِزُ أَنَا وَابْنِي الْمَالَ ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَالْمَالُ لِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَخِ؛ لِأَنَّهُ وَارِثٌ لِأُخْتِهِ وَعَلَى الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ مَحْجُوبٌ الْبَيِّنَةُ وَعَلَى الْأَخِ فِيمَا يَدَّعِي أَنَّ أُخْتَهُ وَرِثَتْ ابْنَهَا الْبَيِّنَةُ.

وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَرِثَ هَذِهِ الْأَمَةَ مِنْ أَبِيهِ وَأَقَامَتْ امْرَأَةٌ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أَبَاهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا يَبِيعُهَا وَلَمْ يَعْلَمْ شُهُودُ الْمِيرَاثِ.

<<  <   >  >>