للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَحْتَمِلُ قَوْلُهُ فِي عِتْقِ الْمُوسِرِ - وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ - مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُعْتَقُ بِالْقَوْلِ وَبِدَفْعِ الْقِيمَةِ. وَالْآخَرُ: أَنْ يُعْتَقَ بِقَوْلِ الْمُوسِرِ وَلَوْ أَعْسَرَ كَانَ الْعَبْدُ حُرًّا وَاتُّبِعَ بِمَا ضَمِنَ وَهَذَا قَوْلٌ يَصِحُّ فِيهِ الْقِيَاسُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا فِي الْعِتْقِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ الْأَحَادِيثِ يُعْتَقُ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ، وَهَكَذَا قَالَ فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَيْضًا فَإِنْ مَاتَ الْمُعْتَقُ أُخِذَ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ أَرْشِ الْمَالِ لَا يَمْنَعُهُ الْمَوْتُ حَقًّا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ جَنَى جِنَايَةً وَالْعَبْدُ حُرٌّ فِي شَهَادَتِهِ وَحُدُودِهِ وَمِيرَاثِهِ وَجِنَايَاتِهِ قَبِلَ الْقِيمَةَ وَدَفَعَهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَدْ قَطَعَ بِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى أَصَحُّ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَطَعَهُ بِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدِ قَوْلَيْنِ لَمْ يَقْطَعْ بِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْقُرْعَةِ أَنَّ الْعِتْقَ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِالْعِتْقِ حَتَّى أَقْرَعَ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ وَالْمَوْتَى فَهَذَا أَوْلَى بِقَوْلِهِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ أَعْتَقَ الثَّانِي كَانَ عِتْقُهُ بَاطِلًا وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ لَوْ كَانَ مِلْكُهُ بِحَالِهِ لَوْ عَتَقَ بِإِعْتَاقِهِ إيَّاهُ وَقَوْلُهُ فِي الْأَمَةِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ إنْ أَحْبَلَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَالْعِتْقِ وَأَنَّ شَرِيكَهُ إنْ وَطِئَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ كَانَ مَهْرُهَا عَلَيْهِ تَامًّا وَفِي ذَلِكَ قَضَاءٌ لِمَا قُلْنَا وَدَلِيلٌ آخَرُ لِمَا كَانَ الثَّمَنُ فِي إجْمَاعِهِمْ ثَمَنَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فِي بَيْعٍ عَنْ تَرَاضٍ يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ. وَالْآخَرُ: قِيمَةُ مُتْلِفٍ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّغَابُنُ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى التَّعْدِيلِ وَالتَّقْسِيطِ، فَلَمَّا حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بِالْقِيمَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قِيمَةُ مُتْلِفٍ عَلَى شَرِيكِهِ يَوْمَ أَتْلَفَهُ فَهَذَا كُلُّهُ قَضَاءٌ لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ. وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ مُوسِرٌ أَعْتَقْت نَصِيبَك وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عِتْقَ نَصِيبِ الْمُدَّعِي وَوَقَفَ وَلَاؤُهُ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَادَّعَى قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى شَرِيكِهِ فَإِنْ ادَّعَى شَرِيكُهُ مِثْلَ ذَلِكَ - عَتَقَ الْعَبْدُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ، قَالَ: وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ إذَا لَمْ يُعْتِقْ نَصِيبَ الْأَوَّلِ لَمْ يُعْتِقْ نَصِيبَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتِقُ بِالْأَوَّلِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) قَدْ قَطَعَ بِجَوَابِهِ الْأَوَّلِ أَنَّ صَاحِبَهُ زَعَمَ أَنَّهُ حُرٌّ كُلُّهُ وَقَدْ عَتَقَ نَصِيبَ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ قِيمَتَهُ؛ فَتَفَهَّمْ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ يَضُرُّهُ لَزِمَهُ وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا لَمْ يَجِبْ لَهُ وَهَذَا مُقِرٌّ لِلْعَبْدِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ فَيَلْزَمُهُ وَمُدَّعٍ عَلَى شَرِيكِهِ بِقِيمَةٍ لَا تَجِبُ لَهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَمِيعُ مَنْ عَرَفْت مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنْ لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ: بِعْتُك نَصِيبِي بِثَمَنٍ وَسَلَّمْته إلَيْك وَأَنْتَ مُوسِرٌ وَإِنَّك قَبَضْته وَأَعْتَقْته وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ لِنَصِيبِهِ نَافِذٌ عَلَيْهِ مُدَّعٍ الثَّمَنَ لَا يَجِبُ لَهُ فَهَذَا وَذَاكَ عِنْدِي فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ وَهَذَا يَقْضِي لِأَحَدِ قَوْلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: إذَا أَعْتَقْته فَهُوَ حُرٌّ فَأَعْتَقَهُ كَانَ حُرًّا فِي مَالِ الْمُعْتِقِ وَسَوَاءٌ كَانَ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) وَقَدْ قَطَعَ بِعِتْقِهِ قَبْلَ دَفْعِ قِيمَتِهِ وَدَلِيلٌ آخَرُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ جَعَلَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَكَلَّمَ بِعِتْقِهِ فَدَلَّ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حُرٌّ قَبْلَ دَفْعِ قِيمَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَدَّى الْمُوسِرُ قِيمَتَهُ كَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَكَانَ شَرِيكُهُ عَلَى مِلْكِهِ يَخْدُمُهُ يَوْمًا وَيَتْرُكُ لِنَفْسِهِ يَوْمًا فَمَا اكْتَسَبَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ وَلَهُ وَارِثٌ وَرَّثَهُ بِقَدْرِ وَلَائِهِ فَإِنْ مَاتَ لَهُ مُوَرِّثٌ لَمْ يَرِثْ مِنْهُ شَيْئًا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ) الْقِيَاسُ أَنْ يَرِثَ مِنْ حَيْثُ يُورَثُ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّ النَّاسَ يَرِثُونَ مِنْ حَيْثُ يُورَثُونَ وَهَذَا وَذَاكَ فِي الْقِيَاسِ سَوَاءٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لَا تَكُونُ نَفْسٌ وَاحِدَةٌ بَعْضُهَا عَبْدًا وَبَعْضُهَا حُرًّا كَمَا لَا تَكُونُ امْرَأَةٌ بَعْضُهَا طَالِقًا وَبَعْضُهَا غَيْرَ طَالِقٍ قِيلَ لَهُ: أَتَتَزَوَّجُ بَعْضَ امْرَأَةٍ كَمَا تَشْتَرِي بَعْضَ عَبْدٍ أَوْ تُكَاتِبُ الْمَرْأَةَ كَمَا يُكَاتَبُ الْعَبْدُ أَوْ يَهَبُ امْرَأَتَهُ كَمَا يَهَبُ عَبْدَهُ فَيَكُونُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَكَانَهُ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ: فَمَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَبْعَدَ مِنْ الْعَبْدِ مِمَّا قِسْته عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَعْتَقَ شَرِيكَانِ لِأَحَدِهِمَا النِّصْفُ وَلِلْآخَرِ السُّدُسُ مَعًا أَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فَأَعْتَقَ عَنْهُمَا مَعًا كَانَ عَلَيْهِمَا قِيمَةُ الْبَاقِي لِشَرِيكَيْهِمَا سَوَاءٌ لَا أَنْظُرُ إلَى كَثِيرِ

<<  <   >  >>