للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَلَمْ يُنَقِّ أَعَادَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَثَرًا إلَّا أَثَرًا لَاصِقًا لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الْمَاءُ وَلَا بَأْسَ بِالْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ أَنْ يُسْتَطَابَ بِهِ وَإِنْ اسْتَطَابَ بِحَجَرٍ لَهُ ثَلَاثَةُ أَحْرُفٍ كَانَ كَثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ إذَا أَنْقَى وَلَا يُجْزِئَ أَنْ يَسْتَطِيبَ بِعَظْمٍ وَلَا نَجَسٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَاَلَّذِي يُوجِبُ الْوُضُوءَ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ وَالنَّوْمُ مُضْطَجِعًا وَقَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا وَزَائِلًا عَنْ مُسْتَوَى الْجُلُوسِ قَلِيلًا كَانَ النَّوْمَ أَوْ كَثِيرًا وَالْغَلَبَةُ عَلَى الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ مُضْطَجِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُضْطَجِعٍ وَالرِّيحُ يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ وَمُلَامَسَةُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يُفْضِيَ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَى جَسَدِهَا أَوْ تُفْضِيَ إلَيْهِ لَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَبِّلَهَا وَمَسُّ الْفَرْجِ بِبَطْنِ الْكَفِّ مِنْ نَفْسِهِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحَيِّ وَالْمَيِّتِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَسَوَاءٌ كَانَ الْفَرْجُ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا أَوْ مَسُّ الْحَلْقَةِ نَفْسِهَا مِنْ الدُّبُرِ وَلَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنْ بَهِيمَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهَا وَلَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ دُبُرٍ أَوْ قُبُلٍ مِنْ دُودٍ أَوْ دَمٍ أَوْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ بَلَلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَذَلِكَ كُلُّهُ يُوجِبُ الْوُضُوءَ كَمَا وَصَفْت وَلَا اسْتِنْجَاءَ عَلَى مَنْ نَامَ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ رِيحٌ.

(قَالَ): وَنُحِبُّ لِلنَّائِمِ قَاعِدًا أَنْ يَتَوَضَّأَ وَلَا يَبِينُ أَنْ أُوجِبَهُ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ فَيَنَامُونَ أَحْسَبُهُ قَالَ قُعُودًا وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ قَاعِدًا وَيُصَلِّي فَلَا يَتَوَضَّأُ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ لَوْ صِرْنَا إلَى النَّظَرِ كَانَ إذَا غَلَبَ عَلَيْهِ النَّوْمُ تَوَضَّأَ بِأَيِّ حَالَاتِهِ كَانَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): قُلْت أَنَا وَرُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُنَا إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافِنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَنَوْمٍ» (قَالَ الْمُزَنِيّ): فَلَمَّا جَعَلَهُنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُمِّي هُوَ وَأُمِّي، فِي مَعْنَى الْحَدَثِ وَاحِدًا اسْتَوَى الْحَدَثُ فِي جَمِيعِهِنَّ مُضْطَجِعًا كَانَ أَوْ قَاعِدًا، وَلَوْ اخْتَلَفَ حَدَثُ النَّوْمِ لِاخْتِلَافِ حَالِ النَّائِمِ لَاخْتَلَفَ كَذَلِكَ الْغَائِطُ وَالْبَوْلُ وَلَأَبَانَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا أَبَانَ أَنَّ الْأَكْلَ فِي الصَّوْمِ عَامِدًا مُفْطِرٌ وَنَاسِيًا غَيْرُ مُفْطِرٍ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «الْعَيْنَانِ وِكَاءُ السَّهِ فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اُسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ» مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَنْ اسْتَجْمَعَ نَوْمًا مُضْطَجِعًا أَوْ قَاعِدًا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ اسْتَجْمَعَ نَوْمًا فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَعَنْ الْحَسَنِ إذَا نَامَ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا تَوَضَّأَ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): فَهَذَا اخْتِلَافٌ يُوجِبُ النَّظَرَ وَقَدْ جَعَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي النَّظَرِ فِي مَعْنَى مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ كَيْفَ كَانَ تَوَضَّأَ فَكَذَلِكَ النَّائِمُ فِي مَعْنَاهُ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ وَاحْتَجَّ فِي الْمُلَامَسَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ قُبْلَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَجَسُّهَا بِيَدِهِ مِنْ الْمُلَامَسَةِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَرِيبٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَاحْتَجَّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ بِحَدِيثِ بُسْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَقَاسَ الدُّبُرَ بِالْفَرْجِ مَعَ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ إذَا مَسَّتْ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ» فَكَانَتْ الْأَمَةُ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ فَكَذَلِكَ الدُّبُرُ فِي مَعْنَى الذَّكَرِ (قَالَ): وَمَا كَانَ مِنْ سِوَى ذَلِكَ مِنْ قَيْءٍ أَوْ رُعَافٍ أَوْ دَمٍ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ فَلَا وُضُوءَ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا وُضُوءَ فِي الْجُشَاءِ الْمُتَغَيِّرِ وَلَا الْبُصَاقِ لِخُرُوجِهِمَا مِنْ غَيْرِ مَخْرَجِ الْحَدَثِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ فَاهُ وَمَا أَصَابَ الْقَيْءُ مِنْ جَسَدِهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثْرَةً بِوَجْهِهِ فَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ فَدَلَّكَهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ، ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَهُ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ اغْسِلْ أَثَرَ الْمَحَاجِمِ عَنْك وَحَسْبُك وَعَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ رَعَفَ فَمَسَحَ أَنْفَهُ بِصُوفَةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَعَنْ الْقَاسِمِ لَيْسَ عَلَى الْمُحْتَجِمِ وُضُوءٌ (قَالَ): وَلَيْسَ فِي قَهْقَهَةِ الْمُصَلِّي وَلَا فِيمَا مَسَّتْ النَّارُ وُضُوءٌ بِمَا رُوِيَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ».

(قَالَ): وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ الْوُضُوءَ فَهُوَ بِالْعَمْدِ وَالسَّهْوِ سَوَاءٌ (قَالَ): وَمَنْ اسْتَيْقَنَ الطُّهْرَ، ثُمَّ شَكَّ فِي الْحَدَثِ أَوْ اسْتَيْقَنَ الْحَدَثَ، ثُمَّ شَكَّ فِي الطُّهْرِ فَلَا يَزُولُ الْيَقِينُ بِالشَّكِّ

<<  <   >  >>