للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَحَوْلُ هَذَا الْعَرَضِ مِنْ حِينِ اشْتَرَاهُ لَا مِنْ حِينِ أَفَادَ الْمَاشِيَةَ الَّتِي بِهَا اشْتَرَاهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ اشْتَرَى الْعَرَضَ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَمْ يُقَوَّمْ إلَّا بِدَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ الدَّنَانِيرُ الْأَغْلَبَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَوْ بَاعَهُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِدَنَانِيرَ قَوَّمَ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَزُكِّيَتْ الدَّنَانِيرُ بِقِيمَةِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ مَا اشْتَرَى بِهِ الْعَرَضَ الدَّرَاهِمُ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى بِالدَّنَانِيرِ لَمْ يُقَوَّمْ الْعَرَضُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَلَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَعَرَضٍ قُوِّمَ بِالدَّنَانِيرِ.

وَلَوْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ مِائَةُ دِينَارٍ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ اشْتَرَى بِهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، أَوْ مِائَةَ دِينَارٍ فَلَا زَكَاةَ فِي الدَّنَانِيرِ الْأَخِيرَةِ وَلَا فِي الدَّرَاهِمِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهَا؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِيهَا بِأَنْفُسِهَا وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا لِغَيْرِ تِجَارَةٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِغَيْرِ شِرَاءٍ، فَإِنْ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ نَوَاهُ لِقِنْيَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَأُحِبُّ لَوْ فَعَلَ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا السَّائِمَةَ إذَا نَوَى عَلَفَهَا فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْ السَّائِمَةِ حَتَّى يَعْلِفَهَا، وَلَوْ كَانَ يَمْلِكُ أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ زَكَّى ثَمَنَ الْعَرَضِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِ الْعَرَضِ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ تَحَوَّلَتْ فِيهِ بِعَيْنِهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِينَارًا وَكَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَحُولُ الْحَوْلُ أَقَلَّ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّهَا تَحَوَّلَتْ فِيهِ وَفِي ثَمَنِهِ إذَا بِيعَ لَا فِيمَا اشْتَرَى بِهِ.

(قَالَ): وَلَا تَمْنَعُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ فِي الرَّقِيقِ زَكَاةَ الْفِطْرِ إذَا كَانُوا مُسْلِمِينَ أَلَا تَرَى أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى عَدَدِ الْأَحْرَارِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِمَالٍ إنَّمَا هِيَ طَهُورٌ لِمَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْإِيمَانِ.

وَإِذَا اشْتَرَى نَخْلًا، أَوْ زَرْعًا لِلتِّجَارَةِ، أَوْ وَرِثَهَا زَكَّاهَا زَكَاةَ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ النَّخْلِ غِرَاسٌ لَا زَكَاةَ فِيهَا زَكَّاهَا زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَالْخُلَطَاءُ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ كَالْخُلَطَاءِ فِي الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ عَلَى مَا وَصَفْت سَوَاءٌ.

بَابُ الزَّكَاةِ فِي مَالِ الْقَرَابَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا وَهِيَ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تُزَكَّى كُلُّهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِرَبِّ الْمَالِ أَبَدًا حَتَّى يُسَلِّمَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْعَامِلُ نَصْرَانِيًّا فَإِذَا سَلَّمَ لَهُ رَأْسَ مَالِهِ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ وَهَذَا أَشْبَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي الْأَلْفِ وَالْخَمْسِمِائَةِ وَوُقِفَتْ زَكَاةُ خَمْسِمِائَةٍ، فَإِنْ حَالَ عَلَيْهَا حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ صَارَتْ لِلْعَامِلِ زَكَّاهَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ رِبْحُهُ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ زَكَّاهَا؛ لِأَنَّهُ خَلِيطٌ بِهَا، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ نَصْرَانِيًّا وَالْعَامِلُ مُسْلِمًا فَلَا رِبْحَ لِمُسْلِمٍ حَتَّى يُسَلِّمَ إلَى النَّصْرَانِيِّ رَأْسَ مَالِهِ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ بِرِبْحِهِ حَوْلًا، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُحْصَى ذَلِكَ كُلُّهُ، فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ رِبْحَهُ أَدَّى زَكَاتَهُ كَمَا يُؤَدِّي مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ مُنْذُ كَانَ لَهُ فِي الْمَالِ فَضْلٌ.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): أَوْلَى بِقَوْلِهِ عِنْدِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى الْعَامِلِ زَكَاةٌ حَتَّى يُحَصِّلَ رَأْسَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ فِي الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَوْ كَانَ لَهُ شَرِكَةٌ فِي الْمَالِ، ثُمَّ نَقَصَ قَدْرُ الرِّبْحِ كَانَ لَهُ فِي الْبَاقِي شِرْكٌ فَلَا رِبْحَ لَهُ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ رَأْسِ الْمَالِ.

بَابُ الدَّيْنِ مَعَ الصَّدَقَةِ وَزَكَاةِ اللُّقَطَةِ وَكِرَاءِ الدُّورِ وَالْغَنِيمَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَعَلَيْهِ مِثْلُهَا فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ السُّلْطَانُ قَبْلَ الْحَوْلِ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ أَخْرَجَ زَكَاتَهَا، ثُمَّ قَضَى غُرَمَاءَهُ بَقِيَّتَهَا، وَلَوْ قَضَى عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ وَجَعَلَ لَهُمْ مَالَهُ حَيْثُ وَجَدُوهُ قَبْلَ الْحَوْلِ، ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْغُرَمَاءُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ

<<  <   >  >>