للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ بَيَانِ وَقْتِ فَرْضِ الْحَجِّ وَكَوْنِهِ عَلَى التَّرَاخِي

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أُنْزِلَتْ فَرِيضَةُ الْحَجِّ بَعْدَ الْهِجْرَةِ «وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ وَتَخَلَّفَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ لَا مُحَارِبًا وَلَا مَشْغُولًا بِشَيْءٍ وَتَخَلَّفَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ قَادِرِينَ عَلَى الْحَجِّ وَأَزْوَاجُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» وَلَوْ كَانَ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْفَرْضَ وَلَا تَرَكَ الْمُتَخَلِّفُونَ عَنْهُ وَلَمْ يَحُجَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ إلَّا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ، وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَ سِنِينَ وَلَمْ يَحُجَّ ثُمَّ حَجَّ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَوَقْتُ الْحَجِّ مَا بَيْنَ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَمُوتَ.

بَابُ بَيَانِ وَقْتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ - جَلَّ وَعَزَّ - {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} الْآيَةَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَشْهُرُ الْحَجِّ شَوَّالٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَتِسْعٌ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ فَمَنْ لَمْ يُدْرِكْهُ إلَى الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَرُوِيَ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ أَيُهَلُّ بِالْحَجِّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ؟ قَالَ لَا وَعَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْت رَجُلًا جَاءَ مُهِلًّا بِالْحَجِّ فِي رَمَضَانَ مَا كُنْت قَائِلًا لَهُ؟ قَالَ أَقُولُ لَهُ اجْعَلْهَا عُمْرَةً وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ إلَّا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ اللَّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}.

(قَالَ): فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحُجَّ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنْ فَعَلَ فَإِنَّهَا تَكُونُ عُمْرَةً كَرَجُلٍ دَخَلَ فِي صَلَاةٍ قَبْلَ وَقْتِهَا فَتَكُونُ نَافِلَةً.

(قَالَ): وَوَقْتُ الْعُمْرَةِ مَتَى شَاءَ وَمَنْ قَالَ لَا يَعْتَمِرُ إلَّا مَرَّةً فِي السَّنَةِ خَالَفَ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لِأَنَّهُ أَعْمَرَ عَائِشَةَ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ وَخَالَفَ فِعْلَ عَائِشَةَ نَفْسِهَا وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْعُمْرَةَ وَاجِبَةٌ كَالْحَجِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ - {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} فَقَرَنَ الْعُمْرَةَ بِهِ وَأَشْبَهَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ أَنْ تَكُونَ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةً «وَاعْتَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ الْحَجِّ» وَمَعَ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ وَعَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ.

(قَالَ): وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ مَكِّيِّينَا وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَانِ الْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ هَدْيًا وَلَوْ كَانَتْ نَافِلَةً أَشْبَهَ أَنْ لَا تُقْرَنَ مَعَ الْحَجِّ. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» وَرُوِيَ أَنَّ «فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ».

<<  <   >  >>