للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ.

(قَالَ): وَهَذَا صَحِيحٌ وَلَوْ قِسْنَا عَلَيْهِمَا الْوَزْنَ لَزِمَنَا أَنْ لَا نُسْلِمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ طَعَامٍ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نُسْلِمَ دِينَارًا فِي مَوْزُونٍ مِنْ وَرِقٍ وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتِلَافًا أَنَّ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ يُسْلَمَانِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ غَيْرَ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسْلِمَ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فِي فُلُوسٍ وَهُوَ عِنْدَنَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَا فِي تِبْرِهَا، وَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِثَمَنٍ لِلْأَشْيَاءِ الْمُتْلَفَةِ، وَإِنَّمَا أَنْظُرُ فِي التِّبْرِ إلَى أَصْلِهِ، وَالنُّحَاسُ مِمَّا لَا رِبَا فِيهِ، وَقَدْ أَجَازَ عَدَدٌ مِنْهُمْ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ السَّلَفَ فِي الْفُلُوسِ وَكَيْفَ يَكُونُ مَضْرُوبُ الذَّهَبِ دَنَانِيرَ وَمَضْرُوبُ الْوَرِقِ دَرَاهِمَ فِي مَعْنَى الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ غَيْرَ مَضْرُوبَيْنِ وَلَا يَكُونُ مَضْرُوبُ النُّحَاسِ فُلُوسًا فِي مَعْنَى النُّحَاسِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِفَ شَيْئًا بِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ جَازَا مُتَفَاضِلَيْنِ يَدًا بِيَدٍ قِيَاسًا عَلَى الذَّهَبِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَفَ فِي الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةِ الَّتِي لَا يَجُوزُ أَنْ تُسَلَّفَ فِي الذَّهَبِ وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسَلَّفَ بَعِيرًا فِي بَعِيرَيْنِ أُرِيدَ بِهِمَا الذَّبْحُ أَوْ لَمْ يُرَدْ وَرِطْلَ نُحَاسٍ بِرِطْلَيْنِ وَعَرْضًا بِعَرْضَيْنِ إذَا دَفَعَ الْعَاجِلَ وَوَصَفَ الْآجِلَ وَمَا أُكِلَ أَوْ شُرِبَ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ فَلَا يُبَاعُ مِنْهُ يَابِسٌ بِرَطْبٍ قِيَاسًا عِنْدِي عَلَى مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ وَمَا يَبْقَى وَيُدَّخَرُ أَوْ لَا يَبْقَى وَلَا يُدَّخَرُ وَكَانَ أَوْلَى بِنَا مِنْ أَنْ نَقِيسَهُ بِمَا يُبَاعُ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَصْلُحُ عَلَى قِيَاسِ هَذَا الْقَوْلِ رُمَّانَةٌ بِرُمَّانَتَيْنِ عَدَدًا وَلَا وَزْنًا وَلَا سَفَرْجَلَةٌ بِسَفَرْجَلَتَيْنِ وَلَا بِطِّيخَةٌ بِبِطِّيخَتَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَيُبَاعُ جِنْسٌ مِنْهُ بِجِنْسٍ مِنْ غَيْرِهِ مُتَفَاضِلًا وَجُزَافًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا بَأْسَ بِرُمَّانَةٍ بِسَفَرْجَلَتَيْنِ كَمَا لَا بَأْسَ بِمُدِّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْنِ مِنْ تَمْرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَمَا كَانَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ هِلِيلَجِهَا وَبِلِيلَجِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُقْتَاتُ فَقَدْ تُعَدُّ مَأْكُولَةً وَمَشْرُوبَةً فَهِيَ بِأَنْ تُقَاسَ عَلَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِلْقُوتِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهَا فِي مَعْنَى الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ لِمَنْفَعَةِ الْبَدَنِ أَوْلَى مِنْ أَنْ تُقَاسَ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِهَا.

وَأَصْلُ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ الْكَيْلُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا بِوَزْنٍ وَلَا وَزْنًا بِكَيْلٍ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ يَكُونُ وَزْنُهُ أَرْطَالًا وَصَاعٌ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ فَلَوْ كَيْلًا كَانَ صَاعٌ بِأَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ كَيْلًا وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَكُونُ مُتَفَاضِلًا فِي نَحْوِ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِخَلِّ الْعِنَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَأَمَّا خَلُّ الزَّبِيبِ فَلَا خَيْرَ فِي بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْمَاءَ يَقِلُّ فِيهِ وَيَكْثُرُ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَجْنَاسُ فَلَا بَأْسَ وَلَا خَيْرَ فِي التَّحَرِّي فِيمَا فِي بَعْضِهِ بِبَعْضٍ رِبًا وَلَا خَيْرَ فِي مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْ عَجْوَةٍ حَتَّى يَكُونَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكُلُّ زَيْتٍ وَدُهْنِ لَوْزٍ وَجَوْزٍ وَبُزُورٍ لَا يَجُوزُ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ. فَإِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مَطْبُوخٌ بِنِيءٍ مِنْهُ بِحَالٍ إذَا كَانَ إنَّمَا يُدَّخَرُ مَطْبُوخًا وَلَا مَطْبُوخَ مِنْهُ بِمَطْبُوخٍ؛ لِأَنَّ النَّارَ تُنْقِصُ مِنْ بَعْضٍ أَكْثَرَ مِمَّا تُنْقِصُ مِنْ بَعْضٍ وَلَيْسَ لَهُ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا كَمَا يَكُونُ لِلتَّمْرِ فِي الْيُبْسِ غَايَةٌ يَنْتَهِي إلَيْهَا.

(قَالَ الْمُزَنِيّ): مَا أَرَى لِاشْتِرَاطِهِ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - إذَا كَانَ إنَّمَا يُدَّخَرُ مَطْبُوخٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّ مَا اُدُّخِرَ وَمَا لَمْ يُدَّخَرْ وَاحِدٌ وَالنَّارُ تُنْقِصُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُبَاعُ عَسَلُ نَحْلٍ بِعَسَلِ نَحْلٍ إلَّا مُصَفَّيَيْنِ مِنْ الشَّمْعِ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ بِيعَا وَزْنًا وَفِي أَحَدِهِمَا شَمْعٌ وَهُوَ غَيْرُ الْعَسَلِ كَانَ الْعَسَلُ بِالْعَسَلِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَكَذَلِكَ لَوْ بِيعَا كَيْلًا وَلَا خَيْرَ فِي مُدِّ حِنْطَةٍ فِيهَا قَصْلٌ أَوْ زُوَانٌ بِمُدِّ حِنْطَةٍ لَا شَيْءَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا حِنْطَةٌ بِحِنْطَةٍ مُتَفَاضِلَةٍ وَمَجْهُولَةٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا اخْتَلَطَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَزِيدُ فِي كَيْلِهِ مِنْ قَلِيلِ التُّرَابِ وَمَا دَقَّ مِنْ تِبْنِهِ. فَأَمَّا الْوَزْنُ فَلَا خَيْرَ فِي مِثْلِ هَذَا وَلَبَنُ الْغَنَمِ مَاعِزِهِ وَضَأْنِهِ صِنْفٌ، وَلَبَنُ الْبَقَرِ عِرَابِهَا وَجَوَامِيسِهَا صِنْفٌ وَلَبَنُ الْإِبِلِ مُهْرِيِّهَا

<<  <   >  >>