للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ الرَّجُلِ يَبِيعُ الشَّيْءَ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ إلَى أَجَلٍ وَيَشْتَرِيَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ، وَإِلَى أَجَلٍ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عَائِشَةَ فَسَأَلَتْهَا عَنْ بَيْعٍ بَاعَتْهُ مِنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِكَذَا وَكَذَا إلَى الْعَطَاءِ ثُمَّ اشْتَرَتْهُ مِنْهُ بِأَقَلَّ فَقَالَتْ عَائِشَةُ بِئْسَمَا اشْتَرَيْت وَبِئْسَمَا ابْتَعْت أَخْبِرِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَتُوبَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهُوَ مُجْمَلٌ وَلَوْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا فَقَدْ تَكُونُ عَائِشَةُ عَابَتْ الْبَيْعَ إلَى الْعَطَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَجَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَزَيْدٌ صَحَابِيٌّ، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فَمَذْهَبُنَا الْقِيَاسُ وَهُوَ مَعَ زَيْدٍ وَنَحْنُ لَا نُثْبِتُ مِثْلَ هَذَا عَلَى عَائِشَةَ، وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ السِّلْعَةُ لِي كَسَائِرِ مَالِي لِمَ لَا أَبِيعُ مِلْكِي بِمَا شِئْت وَشَاءَ الْمُشْتَرِي.

بَابُ تَفْرِيقِ صِفَةِ الْبَيْعِ وَجَمْعِهَا

(قَالَ الْمُزَنِيّ): اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَجَمْعِهَا وَبَيَّضْت لَهُ مَوْضِعًا لِأَجْمَعَ فِيهِ شَرْحَ أَوْلَى قَوْلَيْهِ فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى: وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا، وَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ ثَمَانِيَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَدْ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ فَإِنْ أَرَادَ رَدَّ الثَّوْبِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْعَيْبِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يُعْطِيهِ بِقَوْلِهِ الزِّيَادَةَ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ: إنَّهُ كَالْبَيْعِ، وَقَالَ فِيهِ فِي مَوْضِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ إنْ صَالَحَهُ مِنْ دَارٍ بِمِائَةٍ وَبِعَبْدٍ ثَمَنُهُ مِائَةٌ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إنْ شَاءَ رَدَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ الْمِائَةَ بِنِصْفِ الصُّلْحِ وَيَسْتَرِدُّ نِصْفَ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ.

وَقَالَ فِي نُشُوزِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَفِي كِتَابِ الشُّرُوطِ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ إنْ شَاءَ رَدَّ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَقَالَ فِي الشُّفْعَةِ: إنْ اشْتَرَى شِقْصًا وَعَرْضًا صَفْقَةً وَاحِدَةً أُخِذَتْ الشُّفْعَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ: وَإِذَا صَرَفَ دِينَارًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَبَضَ تِسْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَلَمْ يَجِدْ دِرْهَمًا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ التِّسْعَةَ عَشَرَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الدِّينَارِ ويتناقضه الْبَيْعَ بِحِصَّةِ الدِّرْهَمِ ثُمَّ إنْ شَاءَ اشْتَرَى مِنْهُ بِحِصَّةِ الدِّينَارِ مَا شَاءَ يَتَقَابَضَانِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا مَتَى شَاءَ أَخَذَهُ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْجَدِيدِ الْأَوَّلِ: لَوْ اشْتَرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ مِائَةَ صَاعِ تَمْرٍ وَمِائَةَ صَاعِ حِنْطَةٍ وَمِائَةَ صَاعِ شَعِيرٍ جَازَ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا بِقِيمَتِهِ مِنْ الْمِائَةِ، وَقَالَ فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ مَالِكٍ الْمَجْمُوعَةِ: وَإِذَا جَمَعَتْ الصَّفْقَةُ بَرْدِيًّا وَعَجْوَةً بِعَشَرَةٍ وَقِيمَةُ الْبَرْدِيِّ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ وَقِيمَةُ الْعَجْوَةِ سُدُسُ الْعَشَرَةِ فَالْبَرْدِيُّ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّمَنِ وَالْعَجْوَةُ بِسُدُسِ الثَّمَنِ وَبِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ لَا يَجُوزُ ذَهَبٌ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ بِذَهَبٍ وَسَطٍ وَلَا تَمْرٌ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ بِتَمْرٍ وَسَطٍ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الصِّنْفَيْنِ

<<  <   >  >>