للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٩ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ «اسْتَقْبَلْنَا أَنَسًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّأْمِ، فَلَقِينَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ مِنْ ذَا الْجَانِبِ - يَعْنِي عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ - فَقُلْتُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ مَا فَعَلْتُهُ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

الْحَرْبِ، أَوْ أَطْرَافِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، حَيْثُ لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَعْلِمُهُ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا مَرَّ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ، لَمْ يَعْلَمْ وُجُوبَهُمَا؟ وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ إلْزَامُهُ ذَلِكَ - أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ - لِقُدْرَتِهِ عَلَى الِاسْتِعْلَامِ وَالْبَحْثِ، وَالْخُرُوجِ لِذَلِكَ. وَهَذَا أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى الْقِيَاسِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا " يُرْوَى بِكَسْرِ الْبَاءِ عَلَى الْأَمْرِ، وَيُرْوَى " فَاسْتَقْبَلُوهَا " بِفَتْحِهَا عَلَى الْخَبَرِ.

[حَدِيثُ اسْتَقْبَلْنَا أَنَسًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الشَّأْمِ]

الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا زِيَادَةُ أَنَّهُ " عَلَى حَمَارٍ " فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ طَهَارَتُهُ؛ لِأَنَّ مُلَامَسَتَهُ مَعَ التَّحَرُّزِ عَنْهُ مُتَعَذَّرَةٌ؛ لَا سِيَّمَا إذَا طَالَ زَمَنُ رُكُوبِهِ. فَاحْتَمَلَ الْعَرَقَ. وَإِنْ كَانَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَقَوْلُهُ " مِنْ الشَّأْمِ " هُوَ الصَّوَابُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ. وَوَقَعَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ " حِينَ قَدِمَ الشَّامَ " وَقَالُوا: هُوَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا خَرَجُوا مِنْ الْبَصْرَةِ لِيَتَلَقَّوْهُ مِنْ الشَّامِ. وَقَوْلُهُ «رَأَيْتُكَ تُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَقَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ مَا فَعَلْتُهُ»

إنَّمَا يَعُودُ إلَى الصَّلَاةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَقَطْ. وَهُوَ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ، لَا إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ هَيْئَتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَبُو حَمْزَةَ أَنْسُ بْنُ سِيرِينَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكِ. وَيُقَالُ: إنَّهُ لَمَّا وُلِدَ ذُهِبَ بِهِ إلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ. فَسَمَّاهُ أَنَسًا، وَكَنَّاهُ بِأَبِي حَمْزَةَ بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>