للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

تَرْكِ الذِّكْرِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ. فَإِنَّهُ لَوْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ الِاسْتِفْتَاحُ بِالْقِرَاءَةِ بِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] وَهَذَا عَلَى أَنْ تَكُونَ " الْقِرَاءَةُ " مَجْرُورَةً لَا مَنْصُوبَةً وَاسْتَدَلَّ بِهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ أَيْضًا عَلَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ فِي ابْتِدَاءِ الْفَاتِحَةِ.

وَتَأَوَّلَهُ غَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: يَفْتَتِحُ بِسُورَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ غَيْرِهَا مِنْ السُّوَرِ. وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَجْرَى مَجْرَى الْحِكَايَةِ فَذَلِكَ يَقْتَضِي الْبُدَاءَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ بِعَيْنِهِ. فَلَا يَكُونُ قَبْلَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ يَكُونُ هُوَ الْمُفْتَتَحُ بِهِ. وَإِنْ جُعِلَ اسْمًا فَسُورَةُ الْفَاتِحَةِ لَا تُسَمَّى بِهَذَا الْمَجْمُوعِ. أَعْنِي " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " بَلْ تُسَمَّى بِسُورَةِ الْحَمْدِ فَلَوْ كَانَ لَفْظُ الرِّوَايَةِ " كَانَ يَفْتَتِحُ بِالْحَمْدِ " لَقَوِيَ هَذَا الْمَعْنَى. فَإِنَّهُ يَدُلُّ حِينَئِذٍ عَلَى الِافْتِتَاحِ بِالسُّورَةِ الَّتِي الْبَسْمَلَةُ بَعْضُهَا عِنْدَ هَذَا الْمُتَأَوِّلِ لِهَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَوْلُهَا " وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يَشْخَصُ رَأْسَهُ " أَيْ لَمْ يَرْفَعْهُ. وَمَادَّةُ اللَّفْظِ تَدُلُّ عَلَى الِارْتِفَاعِ. وَمِنْهُ: أَشْخَصَ بَصَرَهُ، إذَا رَفَعَهُ نَحْوَ جِهَةِ الْعُلُوِّ. وَمِنْهُ الشَّخْصُ لِارْتِفَاعِهِ لِلْأَبْصَارِ وَمِنْهُ: شَخَصَ الْمُسَافِرُ: إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ إلَى غَيْرِهِ. وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْآثَارِ " فَشَخَصَ بِي " أَيْ أَتَانِي مَا يُقْلِقُنِي. كَأَنَّهُ رُفِعَ مِنْ الْأَرْضِ لِقَلَقِهِ.

وَقَوْلُهَا " وَلَمْ يُصَوِّبْهُ " أَيْ لَمْ يُنَكِّسْهُ. وَمِنْهُ الصَّيِّبُ: الْمَطَرُ. صَابَ يَصُوبُ إذَا نَزَلَ.

قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَسْتِ لِإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لِمَلَاكٍ ... تَنَزَّلَ مِنْ جَوِّ السَّمَاءِ يَصُوبُ

وَمَنْ أَطْلَقَ " الصَّيِّبَ " عَلَى الْغَيْمِ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الصَّيِّبِ الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ.

[الْمَسْنُون فِي الرُّكُوعِ] ١

وَقَوْلُهَا " وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ " إشَارَةٌ إلَى الْمَسْنُونِ فِي الرُّكُوعِ. وَهُوَ الِاعْتِدَالُ وَاسْتِوَاءُ الظَّهْرِ وَالْعُنُقِ.

[الرَّفْع مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ] ١

وَقَوْلُهَا " وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا " دَلِيلٌ عَلَى الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ. وَالْفُقَهَاءُ اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ.

الثَّالِثُ: يَجِبُ مَا هُوَ إلَى الِاعْتِدَالِ أَقْرَبُ. وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي ثَبَتَ اسْتِمْرَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا، أَعْنِي الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>