للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَالثَّانِي: مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «ثُمَّ اقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَمَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَقْرَأَ» وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ - إذَا صَحَّتْ - تُزِيلُ الْإِشْكَالَ بِالْكُلِّيَّةِ، لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالزَّائِدِ إذَا جُمِعَتْ طُرُقُ الْحَدِيثِ. وَيَلْزَمُ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: إخْرَاجُ صِيغَةِ الْأَمْرِ عَنْ ظَاهِرِهَا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى وُجُوبَ زَائِدٍ عَنْ الْفَاتِحَةِ. وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ.

[وُجُوب الرُّكُوعِ] ١

الْوَجْهُ السَّادِسُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا» يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الرُّكُوعِ. وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ. وَهُوَ كَذَلِكَ دَالٌّ عَلَيْهَا. وَلَا يُتَخَيَّلُ هَهُنَا مَا تَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ، مِنْ أَنَّ الْغَايَةَ: هَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا أَمْ لَا؟ أَوْ مَا قِيلَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمُغَيَّا أَوْ لَا. فَإِنَّ الْغَايَةَ هَهُنَا - وَهُوَ الطُّمَأْنِينَةُ - وَصْفٌ لِلرُّكُوعِ، لِتَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ " رَاكِعًا " وَوَصْفُ الشَّيْءِ مَعَهُ حَتَّى لَوْ فَرَضْنَا أَنَّهُ رَكَعَ وَلَمْ يَطْمَئِنَّ، بَلْ رَفَعَ عَقِيبَ مُسَمَّى الرُّكُوعِ. لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ مُطْلَقَ الرُّكُوعِ مُغَيًّا بِالطُّمَأْنِينَةِ. وَجَاءَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَأَغْرَبَ جِدًّا. وَقَالَ: مَا تَقْرِيرُهُ: إنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الطُّمَأْنِينَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَعْرَابِيَّ صَلَّى غَيْرَ مُطْمَئِنٍّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَالْعِبَادَةُ بِدُونِ شَرْطِهَا فَاسِدَةٌ حَرَامٌ. فَلَوْ كَانَتْ الطُّمَأْنِينَةُ وَاجِبَةً لَكَانَ فِعْلُ الْأَعْرَابِيِّ فَاسِدًا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُقِرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِ فِي حَالِ فِعْلِهِ. وَإِذَا تَقَرَّرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ عَدَمُ الْوُجُوبِ: حُمِلَ الْأَمْرُ فِي الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى النَّدْبِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ " عَلَى تَقْدِيرِ: لَمْ تُصَلِّ صَلَاةً كَامِلَةً. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِعْلَ الْأَعْرَابِيِّ بِمُجَرَّدِهِ لَا يُوصَفُ بِالْحُرْمَةِ عَلَيْهِ. لِأَنَّ شَرْطَهُ عِلْمُهُ بِالْحُكْمِ. فَلَا يَكُونُ التَّقْرِيرُ تَقْرِيرًا عَلَى مُحَرَّمٍ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ فِي الْجَوَابِ فَإِنَّهُ فِعْلٌ فَاسِدٌ. وَالتَّقْرِيرُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ فَسَادِهِ. وَإِلَّا لَمَا كَانَ التَّقْرِيرُ فِي مَوْضِعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ التَّقْرِيرَ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الْمَوَانِعِ. وَزِيَادَةِ قَبُولِ الْمُتَعَلِّمِ لِمَا يُلْقَى إلَيْهِ، بَعْدَ تَكْرَارِ فِعْلِهِ، وَاسْتِجْمَاعِ نَفْسِهِ، وَتَوَجُّهُ سُؤَالِهِ - مَصْلَحَةٌ مَانِعَةٌ مِنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ إلَى التَّعْلِيمِ. لَا سِيَّمَا مَعَ عَدَمِ خَوْفِ الْفَوَاتِ، إمَّا بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ، أَوْ بِوَحْيٍ خَاصٍّ.

[الِاعْتِدَال فِي الرَّفْعِ]

الْوَجْهُ السَّابِعُ: قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا» يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>