للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

[بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ] [حَدِيثُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ]

" عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَصْرَمَ أَنْصَارِيٌّ سَالِمِيٌّ عَقَبِيٌّ بَدْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا الْوَلِيدِ. تُوُفِّيَ بِالشَّامِ. وَقَبْرُهُ مَعْرُوفٌ بِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ. يُقَالُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ بِالرَّمْلَةِ. وَقِيلَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ ظَاهِرٌ، إلَّا أَنَّ بَعْضَ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ اعْتَقَدَ فِي مِثْلِ هَذَا اللَّفْظِ الْإِجْمَالَ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحَقِيقَةِ. وَهِيَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ فَيُحْتَاجُ إلَى إضْمَارٍ، وَلَا سَبِيلَ إلَى إضْمَارِ كُلِّ مُحْتَمَلٍ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْإِضْمَارَ إنَّمَا اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ. وَالضَّرُورَةُ تَنْدَفِعُ بِإِضْمَارِ فَرْدٍ. وَلَا حَاجَةَ لِإِضْمَارِ أَكْثَرَ مِنْهُ. وَثَانِيهِمَا: أَنَّ إضْمَارَ الْكُلِّ قَدْ يَتَنَاقَضُ. فَإِنَّ إضْمَارَ الْكَمَالِ يَقْتَضِي إثْبَاتَ أَصْلِ الصِّحَّةِ. وَنَفْيُ الصِّحَّةِ يُعَارِضُهُ. وَإِذَا تَعَيَّنَ إضْمَارُ فَرْدٍ فَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ. فَتَعَيَّنَ الْإِجْمَالُ. وَجَوَابُ هَذَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحَقِيقَةَ غَيْرُ مُنْتَفِيَةٍ. وَإِنَّمَا تَكُونُ غَيْرَ مُنْتَفِيَةٍ لَوْ حُمِلَ لَفْظُ " الصَّلَاةِ " عَلَى غَيْرِ عُرْفِ الشَّرْعِ. وَكَذَلِكَ لَفْظُ " الصِّيَامِ " وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ، فَيَكُونُ مُنْتَفِيًا حَقِيقَةً. وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِضْمَارِ الْمُؤَدِّي إلَى الْإِجْمَالِ، وَلَكِنَّ أَلْفَاظَ الشَّارِعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى عُرْفِهِ. لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. وَلِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيهِ. فَإِنَّهُ بُعِثَ لِبَيَانِ الشَّرْعِيَّاتِ، لَا لِبَيَانِ مَوْضُوعَاتِ اللُّغَةِ. وَقَوْلُهُ «لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» قَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى وُجُوبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ كُلَّ رَكْعَةٍ تُسَمَّى صَلَاةً. وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ يَرَى وُجُوبَهَا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي حُصُولَ اسْمِ " الصَّلَاةِ " عِنْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ. فَإِذَا حَصَلَ مُسَمَّى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي رَكْعَةٍ فَوَجَبَ أَنْ تَحْصُلَ الصَّلَاةُ. وَالْمُسَمَّى يَحْصُلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِحُصُولِ مُسَمَّى الصَّلَاةِ. وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا يَدَّعِيهِ؛ أَنَّ إطْلَاقَ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ مَجَازٌ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ اسْمَ " الصَّلَاةِ " حَقِيقَةٌ فِي مَجْمُوعِ الْأَفْعَالِ، لَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقِيقَةً فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لَكَانَ الْمَكْتُوبُ عَلَى الْعِبَادِ: سَبْعَ عَشْرَةَ صَلَاةً. وَجَوَابُ هَذَا: أَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ دَلَالَةُ مَفْهُومٍ عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>