للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُجِيبَ الْقَوْمُ، لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ، لِجَوَازِ أَنْ تَجِبَ الْإِجَابَةُ، وَيَلْزَمُهُمْ الِاسْتِئْنَافُ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّسُولَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ مُعْتَقِدًا لِتَمَامِ الصَّلَاةِ، وَالصَّحَابَةُ تَكَلَّمُوا مُجَاوِزِينَ لِلنَّسْخِ، فَلَمْ يَكُنْ كَلَامُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُبْطِلًا. وَهَذَا يُضَعِّفُهُ مَا فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ: «أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قَالَ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى النَّاسِ. فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ قَوْلِهِ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ» يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ النَّسْخِ. فَقَدْ تَكَلَّمُوا بَعْدَ الْعِلْمِ بِعَدَمِ النَّسْخِ. وَلْيُتَنَبَّهْ هَهُنَا لِنُكْتَةٍ لَطِيفَةٍ فِي قَوْلِ ذِي الْيَدَيْنِ " قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ " بَعْدَ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ " فَإِنَّ قَوْلَهُ " كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ " تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: الْإِخْبَارُ عَنْ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَهُوَ عَدَمُ الْقَصْرِ.

وَالثَّانِي: الْإِخْبَارُ عَنْ أَمْرٍ وُجُودِيٍّ وَهُوَ النِّسْيَانُ. وَأَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لَا يَجُوزُ فِيهِ النَّسْخُ، وَهُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ. وَالْآخَرُ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَ ذِي الْيَدَيْنِ. فَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْوَاقِعُ بَعْضَ ذَلِكَ، كَمَا ذَكَرْنَا.

[الْأَفْعَالُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا]

الْخَامِسُ: الْأَفْعَالُ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذَا وَقَعَتْ سَهْوًا. فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً. فَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً: لَمْ تُبْطِلْ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَفِيهَا خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَاسْتَدَلَّ لِعَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ أَفْعَالٌ كَثِيرَةٌ. أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ " خَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ " وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَرَجَ إلَى مَنْزِلِهِ وَمَشَى» قَالَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ «ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَاسْتَنَدَ إلَيْهِ» ثُمَّ قَدْ حَصَلَ الْبِنَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِالْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ سَهْوًا.

[الْبِنَاء عَلَى الصَّلَاةِ بَعْدَ السَّلَامِ سَهْوًا] ١

السَّادِسُ: فِيهِ دَلِيلُ جَوَازِ الْبِنَاءِ عَلَى الصَّلَاةِ، بَعْدَ السَّلَامِ سَهْوًا، وَالْجُمْهُورُ عَلَيْهِ. وَذَهَبَ سَحْنُونٌ - مِنْ الْمَالِكِيَّةِ - إلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا سَلَّمَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>