للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٣ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ. فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

رَكِيكٌ. مَعَ ثُبُوتِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَخَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ فِي سُجُودِهِ» وَهَذَا الْبَحْثُ كُلُّهُ: فِي الِاسْتِدْلَالِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ.

[حَدِيثُ إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ]

الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا " الْإِبْرَادُ " أَنْ تُؤَخَّرَ. الصَّلَاةُ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مِقْدَارَ مَا يَظْهَرُ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى الْمَشْيِ فِي الشَّمْسِ. هَذَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ مُصَنِّفِي الشَّافِعِيَّةِ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: يُؤَخَّرُ الظُّهْرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ الْفَيْءُ أَكْثَرَ مِنْ ذِرَاعٍ.

الثَّانِي: اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ: هَلْ هُوَ سُنَّةٌ، أَوْ رُخْصَةٌ؛ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ: هَلْ الْأَفْضَلُ التَّقْدِيمُ، أَوْ الْإِبْرَادُ؟ وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ، أَوْ مَشَى فِي كِنٍّ إلَى الْمَسْجِدِ: هَلْ يُسَنُّ لَهُ الْإِبْرَادُ؟ فَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ رُخْصَةٌ لَمْ يُسَنَّ، إذْ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي التَّعْجِيلِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ سُنَّةٌ أَبْرَدَ. وَالْأَقْرَبُ: أَنَّهُ سُنَّةٌ، لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِهِ، مَعَ مَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ الْعِلَّةِ. وَهُوَ أَنَّ " شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " وَذَلِكَ مُنَاسِبٌ لِلتَّأْخِيرِ، وَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى فَضِيلَةِ التَّعْجِيلِ عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ. وَهَذَا خَاصٌّ. وَلَا مُبَالَاةَ - مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ وَمُنَاسَبَةِ الْعِلَّةِ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ التَّعْجِيلَ أَفْضَلُ، لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مَشَقَّةً. فَإِنَّ مَرَاتِبَ الثَّوَابِ إنَّمَا يُرْجَعُ فِيهَا إلَى النُّصُوصِ. وَقَدْ يَتَرَجَّحُ بَعْضُ الْعِبَادَةِ الْخَفِيفَةِ عَلَى مَا هُوَ أَشَقُّ مِنْهَا بِحَسَبِ الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا.

[حَدِيثُ الْإِبْرَاد بِالْجُمُعَةِ] ١

الثَّالِثُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِي الْإِبْرَادِ بِالْجُمُعَةِ، عَلَى وَجْهَيْنِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ الْحَدِيثِ الْإِبْرَادُ بِهَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَفْظَةُ " الصَّلَاةِ " فَإِنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ. وَالثَّانِي: التَّعْلِيلُ. فَإِنَّهُ مُسْتَمِرٌّ فِيهَا. وَقَدْ وُجِّهَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>