للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٥ - الْحَدِيثُ الثَّانِي: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ. فَأَمَّا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْقَصْدِ: فَقَدْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهِ. وَزَادَ أَصْحَابُ مَالِكٍ - أَوْ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ - فَقَالُوا: إنْ قَصَدَ التَّكَبُّرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُجِيزَ هَذَا الِارْتِفَاعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ التَّعْلِيمِ: فَاللَّفْظُ لَا يَتَنَاوَلُهُ. وَالْقِيَاسُ لَا يَسْتَقِيمُ لِانْفِرَادِ الْأَصْلِ بِوَصْفٍ مُعْتَبَرٍ تَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةُ اعْتِبَارَهُ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْعَمَلِ الْيَسِيرِ فِي الصَّلَاةِ، لَكِنْ فِيهِ إشْكَالٌ عَلَى مَنْ حَدَّدَ الْكَثِيرَ مِنْ الْعَمَلِ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ. فَإِنَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ. وَالصَّلَاةُ كَانَتْ عَلَى الْعُلْيَا. وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ: أَنْ يَقَعَ مَا أَوْقَعَهُ مِنْ الْفِعْلِ عَلَى الْأَرْضِ، بَعْدَ ثَلَاثِ خُطُوَاتٍ فَأَكْثَرَ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثُ خُطُوَاتٍ وَاَلَّذِي يُعْتَذَرُ بِهِ عَنْ هَذَا: أَنْ يُدَّعَى عَدَمُ التَّوَالِي بَيْنَ الْخُطُوَاتِ. فَإِنَّ التَّوَالِيَ شَرْطٌ فِي الْإِبْطَالِ، أَوْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِ قِيَامِ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَوْقَ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ لِغَرَضِ التَّعْلِيمِ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ. وَالرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ: قَدْ تُوهِمُ أَنَّهُ نَزَلَ فِي الرُّكُوعِ. وَرُبَّمَا يَقْوَى هَذَا بِاقْتِضَاءِ الْفَاءِ لِلتَّعْقِيبِ ظَاهِرًا، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْأُولَى تُبَيِّنُ أَنَّ النُّزُولَ كَانَ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ الرُّكُوعِ. وَالْمَصِيرُ إلَى الْأُولَى أَوْجَبُ. لِأَنَّهَا نَصٌّ. وَدَلَالَةُ الْفَاءِ عَلَى التَّعْقِيبِ ظَاهِرَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[حَدِيثُ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ]

الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي الْأَمْرِ بِالْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ. وَظَاهِرُ الْأَمْرِ: الْوُجُوبُ. وَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ بِلَفْظِ الْوُجُوبِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ. فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ بِالْوُجُوبِ، بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ. وَخَالَفَ الْأَكْثَرُونَ، فَقَالُوا بِالِاسْتِحْبَابِ. وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْ مُخَالَفَةِ هَذَا الظَّاهِرِ. فَأَوَّلُوا صِيغَةَ الْأَمْرِ عَلَى النَّدْبِ، وَصِيغَةَ الْوُجُوبِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>