للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

ثَلَاثًا مِنْ ثَلَاثِ غَرْفَاتٍ.

[جَوَاز التَّكْرَارِ ثَلَاثًا فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ] ١

الْخَامِسُ: قَوْلُهُ " ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا " قَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ " وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّكْرَارِ ثَلَاثًا فِي بَعْضِ الْأَعْضَاءِ، وَاثْنَتَيْنِ فِي بَعْضِهَا، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوُضُوءُ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَبَعْضُهُ ثَلَاثًا، وَبَعْضُهُ مَرَّتَيْنِ. وَهُوَ هَذَا الْحَدِيثُ.

[التَّكْرَار فِي مَسْحِ الرَّأْسِ]

السَّادِسُ: قَوْلُهُ " ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي التَّوْرِ، فَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى التَّكْرَارِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ، مَعَ التَّكْرَارِ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

وَوَرَدَ الْمَسْحُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مُطْلَقًا، وَفِي بَعْضِهَا مُقَيَّدًا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَوْلُهُ " فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ " اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَيْفِيَّةِ الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ، عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَبْدَأَ بِمُقَدَّمِ الرَّأْسِ الَّذِي يَلِي الْوَجْهَ، وَيَذْهَبَ إلَى الْقَفَا، ثُمَّ يَرُدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، وَهُوَ مَبْدَأُ الشَّعْرِ فِي حَدِّ الْوَجْهِ، وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ " بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ " وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. إلَّا أَنَّهُ وَرَدَ عَلَى هَذَا الْإِطْلَاقِ - أَعْنِي إطْلَاقَ قَوْلِهِ " فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ " - إشْكَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي أَنَّهُ أَدْبَرَ بِهِمَا وَأَقْبَلَ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ إلَى جِهَةِ الْقَفَا إدْبَارٌ، وَرُجُوعَهُ إلَى جِهَةِ الْوَجْهِ إقْبَالٌ.

فَمِنْ النَّاسِ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمُفَسِّرُ وَهُوَ قَوْلُهُ " بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ. .. إلَخْ ".

وَأَجَابَ عَنْ هَذَا السُّؤَالِ بِأَنَّ " الْوَاوَ " لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ. فَالتَّقْدِيرُ: أَدْبَرَ وَأَقْبَلَ. وَعِنْدِي فِيهِ جَوَابٌ آخَرُ؛ وَهُوَ أَنَّ " الْإِقْبَالَ وَالْإِدْبَارَ " مِنْ الْأُمُورِ الْإِضَافِيَّةِ أَعْنِي: أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَى مَا يُقْبِلُ إلَيْهِ، وَيُدْبِرُ عَنْهُ، فَيُمْكِنُهُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا.

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْإِقْبَالِ: الْإِقْبَالَ عَلَى الْفِعْلِ لَا غَيْرَ وَيُضَعِّفُهُ قَوْلُهُ " وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً ". وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ وَيَمُرُّ إلَى جِهَةِ الْوَجْهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>