للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ الْمَنْكِبَيْنِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلَى السَّاقَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ فَلْيَفْعَلْ» .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: سَمِعْتُ خَلِيلِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثُ إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ]

الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: قَوْلُهُ " الْمُجْمِرِ " بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ.

وُصِفَ بِهِ أَبُو نُعَيْمِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُجَمِّرُ الْمَسْجِدَ، أَيْ يُبَخِّرُهُ.

الثَّانِي: قَوْلُهُ " إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ " يَحْتَمِلُ " غُرًّا " وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَيُدْعَوْنَ، كَأَنَّهُ بِمَعْنَى يُسَمَّوْنَ غُرًّا.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الْأَقْرَبُ - أَنْ يَكُونَ حَالًا، كَأَنَّهُمْ يُدْعَوْنَ إلَى مَوْقِفِ الْحِسَابِ أَوْ الْمِيزَانِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدْعَى النَّاسُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُمْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، أَيْ غُرًّا مُحَجَّلِينَ.

فَيُعَدَّى " يُدْعَوْنَ " فِي الْمَعْنَى بِالْحَرْفِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ} [آل عمران: ٢٣] وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَتَعَدَّى " يُدْعَوْنَ " بِحَرْفِ الْجَرِّ.

وَيَكُونُ " غُرًّا " حَالًا أَيْضًا. وَالْغُرَّةُ: فِي الْوَجْهِ. وَالتَّحْجِيلُ: فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ.

الثَّالِثُ: الْمَرْوِيُّ الْمَعْرُوفُ فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ " الضَّمُّ فِي " الْوُضُوءِ " وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِالْفَتْحِ، أَيْ مِنْ آثَارِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْغُرَّةَ وَالتَّحْجِيلَ: نَشَأَ عَنْ الْفِعْلِ بِالْمَاءِ.

فَيَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. الرَّابِعُ: قَوْلُهُ " فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ " اقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>