للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

الْمَذَاهِبُ الَّتِي حَكَيْنَاهَا. وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الرَّجُلِ. فَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَهُمْ، إذْ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ.

[مَسْأَلَةُ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَكَّنَتْ طَائِعَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فِي نَهَار رَمَضَان]

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَكَّنَتْ طَائِعَةً فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ: هَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا؟ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: الْوُجُوبُ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ. وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.

الثَّانِي: عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَيْهَا. وَاخْتِصَاصُ الزَّوْجِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ. وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلَيْهِ.

ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الزَّوْجِ لَا تُلَاقِي الْمَرْأَةَ، أَوْ هِيَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ تَقُومُ عَنْهُمَا جَمِيعًا؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ. وَاحْتَجَّ الَّذِينَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهَا الْكَفَّارَةَ بِأُمُورٍ:

مِنْهَا: مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ. فَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى ذِكْرِهِ.

وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ مِنْ اسْتِدْلَالِهِمْ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْلِمْ الْمَرْأَةَ بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهَا، مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِعْلَامِ. وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ. «وَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ أُنَيْسًا أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ صَاحِبِ الْعَسِيفِ. فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا» .

فَلَوْ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَأَعْلَمَهَا النَّبِيُّ بِذَلِكَ، كَمَا فِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ. وَاَلَّذِينَ أَوْجَبُوا الْكَفَّارَةَ أَجَابُوا بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ الْحَاجَةَ إلَى إعْلَامِهَا. فَإِنَّهَا لَمْ تَعْتَرِفْ بِسَبَبِ الْكَفَّارَةِ. وَإِقْرَارُ الرَّجُلِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ عَلَيْهَا حُكْمًا. وَإِنَّمَا تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى إعْلَامِهَا إذَا ثَبَتَ الْوُجُوبُ فِي حَقِّهَا وَلَمْ يَثْبُتْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.

وَثَانِيهَا: أَنَّهَا قَضِيَّةُ حَالٍ. يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ. وَلَا عُمُومَ لَهَا. وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ يَجُوزُ أَنْ لَا تَكُونَ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ بِهَذَا الْوَطْءِ: إمَّا لِصِغَرِهَا، أَوْ جُنُونِهَا، أَوْ كُفْرِهَا، أَوْ حَيْضِهَا، أَوْ طَهَارَتِهَا مِنْ الْحَيْضِ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ.

وَاعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِأَنَّ عِلْمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَيْضِ امْرَأَةِ أَعْرَابِيٍّ لَمْ يَعْلَمْ عُسْرَهُ حَتَّى أَخْبَرَهُ بِهِ مُسْتَحِيلٌ. وَأَمَّا الْعُذْرُ بِالصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالْكُفْرِ وَالطَّهَارَةِ مِنْ الْحَيْضِ: فَكُلُّهَا أَعْذَارٌ تُنَافِي التَّحْرِيمَ عَلَى الْمَرْأَةِ. وَيُنَافِيهَا قَوْلُهُ فِيمَا رَوَوْهُ " هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ " وَجَوْدَةُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>