للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[مَسْأَلَة هَلْ الْمَحْرَمَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ الِاسْتِطَاعَةِ أَمْ لَا]

ــ

[إحكام الأحكام]

بَرِيدًا " وَهُوَ أَرْبَعُ فَرَاسِخَ. وَقَدْ حَمَلُوا هَذَا الِاخْتِلَافَ عَلَى حَسْبِ اخْتِلَافِ السَّائِلِينَ، وَاخْتِلَافِ الْمَوَاطِنِ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِأَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ السَّفَرِ.

[مَسْأَلَة مِنْ هُوَ ذو الرحم لِلْمَرْأَةِ]

الرَّابِعَةُ " ذُو الْمَحْرَمِ " عَامٌّ فِي مَحْرَمِ النَّسَبِ، كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا وَابْنِ أَخِيهَا وَابْنِ أُخْتهَا وَخَالِهَا وَعَمِّهَا، وَمَحْرَمِ الرَّضَاعِ، وَمَحْرَمِ الْمُصَاهَرَةِ، كَأَبِي زَوْجِهَا وَابْنِ زَوْجِهَا.

وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ ابْنَ زَوْجِهَا.

فَقَالَ: يُكْرَهُ سَفَرُهَا مَعَهُ، لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ فِي النَّاسِ بَعْدَ الْعَصْرِ الْأَوَّلِ.؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يُنَزِّلُ زَوْجَةَ الْأَبِ فِي النَّفْرَةِ عَنْهَا مَنْزِلَةَ مَحَارِمِ النَّسَبِ. وَالْمَرْأَةُ فِتْنَةٌ إلَّا فِيمَا جَبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ النُّفُوسَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفْرَةِ عَنْ مَحَارِمِ النَّسَبِ، وَالْحَدِيثُ عَامٌّ. فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ لِلتَّحْرِيمِ - مَعَ مَحْرَمِيَّةِ ابْنِ الزَّوْجِ - فَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ بَعِيدٌ. وَإِنْ كَانَتْ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ فَهُوَ أَقْرَبُ تَشَوُّفًا إلَى الْمَعْنَى. وَقَدْ فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَمَا يُقَوِّي هَهُنَا: أَنَّ قَوْلَهُ " لَا يَحِلُّ " اسْتَثْنَى مِنْهُ السَّفَرَ مَعَ الْمَحْرَمِ. فَيَصِيرُ التَّقْدِيرُ: إلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ فَيَحِلُّ. وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي قَوْلِنَا " يَحِلُّ " هَلْ يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ أَمْ لَا يَتَنَاوَلُهُ؟ بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ " يَحِلُّ " تَقْتَضِي الْإِبَاحَةَ الْمُتَسَاوِيَةَ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَنَاوَلُ الْمَكْرُوهَ، فَالْأَمْرُ قَرِيبٌ مِمَّا قَالَهُ، إلَّا أَنَّهُ تَخْصِيصٌ يَحْتَاجُ إلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَنَاوَلُ، فَهُوَ أَقْرَبُ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مُنَافِيًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ.

وَ " الْمَحْرَمُ " الَّذِي يَجُوزُ مَعَهُ السَّفَرُ وَالْخَلْوَةُ: كُلُّ مَنْ حَرُمَ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهِ لِحُرْمَتِهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، فَقَوْلُنَا " عَلَى التَّأْبِيدِ " احْتِرَازًا مِنْ أُخْتِ الزَّوْجَةِ وَعَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، وَقَوْلُنَا " بِسَبَبٍ مُبَاحٍ " احْتِرَازًا مِنْ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَحْرَمًا بِهَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يُوصَفُ بِالْإِبَاحَةِ، وَقَوْلُنَا " لِحُرْمَتِهَا " احْتِرَازًا مِنْ الْمُلَاعَنَةِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا لَيْسَ لِحُرْمَتِهَا، بَلْ تَغْلِيظًا، هَذَا ضَابِطُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ.

الْخَامِسَةُ: لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ لِلزَّوْجِ.

وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَلَا بُدَّ مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْحُكْمِ بِالْمَحْرَمِ فِي جَوَازِ السَّفَرِ مَعَهُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَسْتَعْمِلُوا لَفْظَةَ " الْحُرْمَةِ " فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي غَيْرِ مَعْنَى الْمَحْرَمِيَّةِ اسْتِعْمَالًا لُغَوِيًّا فِيمَا يَقْتَضِي الِاحْتِرَامَ. فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوَاجُ لَفْظًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>