للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٣٤ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. ثُمَّ أَشْعَرْتُهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلًّا» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا " نَفْيٌ مِنْهُ لِمَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْحُكْمِ بِالْجَوَازِ الثَّابِتِ بِالْقُرْآنِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا الرَّفْعُ مُمْكِنًا لَمَا احْتَاجَ إلَى قَوْلِهِ " وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا " وَمُرَادُهُ بِنَفْيِ نَسْخِ الْقُرْآنِ: الْجَوَازُ، وَيَنْفِي وُرُودَ السُّنَّةِ بِالنَّهْيِ: تَقَرُّرُ الْحُكْمِ وَدَوَامُهُ. إذْ لَا طَرِيقَ لِرَفْعِهِ إلَّا أَحَدُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِهِ. إذْ لَوْ نُسِخَ بِهِ لَقَالَ: وَلَمْ يُتَّفَقْ عَلَى الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ حِينَئِذٍ يَكُونُ سَبَبًا لِرَفْعِ الْحُكْمِ. فَكَانَ يُحْتَاجُ إلَى نَفْيِهِ، كَمَا نُفِيَ نُزُولُ الْقُرْآنِ بِالنَّسْخِ. وَوُرُودُ السَّنَةِ بِالنَّهْيِ

١ -

وَقَوْلُهُ " قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ " هُوَ كَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلِ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي نَهَى عَنْهُ عُمَرُ: هُوَ مُتْعَةُ الْحَجِّ الْمَشْهُورَةِ. وَهُوَ الْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ الْحَجُّ فِي عَامِهِ، خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ: الْمُتْعَةُ بِفَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ، أَوْ لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى مُتْعَةِ النِّسَاءِ؛ لِأَنَّ شَيْئًا مِنْ هَاتَيْنِ الْمُتْعَتَيْنِ لَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ بِجَوَازِهِ. وَالنَّهْيُ الْمَذْكُورُ قَدْ قِيلَ فِيهِ: إنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ. وَحُمِلَ عَلَى الْأَوْلَى وَالْأَفْضَلِ. وَحَذَرًا أَنْ يَتْرُكَ النَّاسُ الْأَفْضَلَ، وَيَتَتَابَعُوا عَلَى غَيْرِهِ، طَلَبًا لِلتَّخْفِيفِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.

[بَابُ الْهَدْيِ]

[حَدِيثُ فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ بَعْثِ الْهَدْيِ مِنْ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ لِمَنْ لَا يُسَافِرُ مَعَهُ. وَدَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْلِيدِهِ لِلْهَدْيِ، وَإِشْعَارِهِ مِنْ بَلَدِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا سَارَ مَعَ الْهَدْيِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ الْإِشْعَارَ إلَى حِينِ الْإِحْرَامِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِشْعَارِ فِي الْجُمْلَةِ، خِلَافًا لِمَنْ أَنْكَرَهُ. وَهُوَ شَقُّ صَفْحَةِ السَّنَامِ طُولًا وَسَلْتُ الدَّمِ عَنْهُ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ: هَلْ يَكُونُ فِي الْأَيْمَنِ، أَوْ فِي الْأَيْسَرِ؟ وَمَنْ أَنْكَرَهُ قَالَ: إنَّهُ مُثْلَةٌ. وَالْعَمَلُ بِالسُّنَّةِ أَوْلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>