للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٧ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا. وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُرَادَ بِهَا مَوْضُوعُهَا الْأَصْلِيُّ. وَيَكُونُ مِمَّا جَرَى عَلَى لِسَانِ الْعَرَبِ فِي الْمُخَاطَبَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِمَوْضُوعِهِ. كَمَا قِيلَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " تَرِبَتْ يَدَاكَ " وَ " أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ " وَكَمَا فِي قَوْلِ الْعَرَبِ " وَيْلَهُ " وَنَحْوِهِ. وَمَنْ يَمْنَعُ رُكُوبَ الْبَدَنَةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ: يَحْمِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ عَلَى ظُهُورِ الْحَاجَةِ إلَى رُكُوبِهَا فِي الْوَاقِعَةِ الْمُعَيَّنَةِ.

[حَدِيثُ أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْقِيَامِ عَلَى الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ، وَالتَّصَدُّقِ بِهِ.

وَقَوْلُهُ " وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا " يَدُلُّ عَلَى التَّصَدُّقِ بِالْجَمِيعِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا، وَوَاجِبٌ فِي بَعْضِ الدِّمَاءِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجُلُودَ تَجْرِي مَجْرَى اللَّحْمِ فِي التَّصَدُّقِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ. فَحُكْمُهَا حُكْمُهُ. وَقَوْلُهُ " أَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا " ظَاهِرُهُ: عَدَمُ الْإِعْطَاءِ مُطْلَقًا بِكُلِّ وَجْهٍ. وَلَا شَكَّ فِي امْتِنَاعِهِ إذَا كَانَ الْمُعْطَى أُجْرَةَ الذَّبْحِ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ بِبَعْضِ الْهَدْيِ وَالْمُعَاوَضَةُ فِي الْأُخْرَى كَالْبَيْعِ. وَأَمَّا إذَا أَعْطَى الْأُجْرَةَ خَارِجًا عَنْ اللَّحْمِ الْمُعْطَى، وَكَانَ اللَّحْمُ زَائِدًا عَلَى الْأُجْرَةِ، فَالْقِيَاسُ: أَنْ يَجُوزَ. وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ " نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا " وَأَطْلَقَ الْمَنْعَ مِنْ إعْطَائِهِ مِنْهَا. وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمَنْعَ بِالْأُجْرَةِ. وَاَلَّذِي يُخْشَى مِنْهُ فِي هَذَا: أَنْ تَقَعَ مُسَامَحَةٌ فِي الْأُجْرَةِ لِأَجْلِ مَا يَأْخُذُهُ الْجَازِرُ مِنْ اللَّحْمِ. فَيَعُودُ إلَى الْمُعَاوَضَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. فَمَنْ يَمِيلُ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الذَّرَائِعِ يَخْشَى مِنْ مِثْلِ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>