للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

بِالنَّجْشِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ النَّجْشُ عَنْ مُوَاطَأَةٍ مِنْ الْبَائِعِ. فَلَا خِيَارَ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ.

[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي]

وَأَمَّا بَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي " فَمِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا لِأَجْلِ الضَّرَرِ أَيْضًا. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَحْمِلَ الْبَدْوِيُّ أَوْ الْقَرَوِيُّ مَتَاعَهُ إلَى الْبَلَدِ لِيَبِيعَهُ بِسِعْرِ يَوْمِهِ وَيَرْجِعَ فَيَأْتِيهِ الْبَلَدِيُّ فَيَقُولُ: ضَعْهُ عِنْدِي لِأَبِيعَهُ عَلَى التَّدْرِيجِ بِزِيَادَةِ سِعْرٍ. وَذَلِكَ إضْرَارٌ بِأَهْلِ الْبَلَدِ، وَحَرَامٌ إنْ عَلِمَ بِالنَّهْيِ. وَتَصَرَّفَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ. فَقَالُوا: شَرْطُهُ أَنْ يَظْهَرَ لِذَلِكَ الْمَتَاعِ الْمَجْلُوبِ سِعْرٌ فِي الْبَلَدِ. فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ - لِكَثْرَتِهِ فِي الْبَلَدِ، أَوْ لِقِلَّةِ الطَّعَامِ الْمَجْلُوبِ: فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ. يُنْظَرُ فِي أَحَدِهِمَا: إلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ. وَفِي الْآخَرِ: إلَى الْمَعْنَى وَعَدَمِ الْإِضْرَارِ، وَتَفْوِيتِ الرِّبْحِ، أَوْ الرِّزْقِ عَلَى النَّاسِ. وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ. وَقَالُوا أَيْضًا: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، دُونَ مَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ إلَّا نَادِرًا. وَأَنْ يَدْعُوَ الْبَلَدِيُّ الْبَدْوِيَّ إلَى ذَلِكَ. فَإِنْ الْتَمَسَهُ الْبَدْوِيُّ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ وَلَوْ اسْتَشَارَهُ الْبَدْوِيُّ، فَهَلْ يُرْشِدُهُ إلَى الِادِّخَارِ وَالْبَيْعِ عَلَى التَّدْرِيجِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ: قَدْ تَدُورُ بَيْنَ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى وَاتِّبَاعِ اللَّفْظِ. وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي الْمَعْنَى إلَى الظُّهُورِ وَالْخَفَاءِ. فَحَيْثُ يَظْهَرُ ظُهُورًا كَثِيرًا فَلَا بَأْسَ بِاتِّبَاعِهِ، وَتَخْصِيصِ النَّصِّ بِهِ، أَوْ تَعْمِيمِهِ عَلَى قَوَاعِدِ الْقَيَّاسِينَ. وَحَيْثُ يَخْفَى، وَلَا يَظْهَرُ ظُهُورًا قَوِيًّا. فَاتِّبَاعُ اللَّفْظِ أَوْلَى. فَأَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ أَنْ يَلْتَمِسَ الْبَلَدِيُّ ذَلِكَ: فَلَا يَقْوَى لِعَدَمِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَعَدَمِ ظُهُورِ الْمَعْنَى فِيهِ. فَإِنَّ الضَّرَرَ الْمَذْكُورَ الَّذِي عُلِّلَ بِهِ النَّهْيُ لَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيهِ بَيْنَ سُؤَالِ الْبَدْوِيِّ وَعَدَمِهِ ظَاهِرًا. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ: فَمُتَوَسِّطٌ فِي الظُّهُورِ وَعَدَمِهِ. لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَاعَى مُجَرَّدُ رِبْحِ النَّاسِ فِي هَذَا الْحُكْمِ عَلَى مَا أَشْعَرَ بِهِ التَّعْلِيلُ، مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ يَظْهَرَ لِذَلِكَ الْمَتَاعِ الْمَجْلُوبِ سِعْرٌ فِي الْبَلَدِ، فَكَذَلِكَ أَيْضًا، أَيْ أَنَّهُ مُتَوَسِّطٌ فِي الظُّهُورِ، لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مُجَرَّدَ تَفْوِيتِ الرِّبْحِ وَالرِّزْقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>