للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[إحكام الأحكام]

بِأَنَّ الْمُشْتَرَى: هُوَ الْكِتَابَةُ لَا الرَّقَبَةَ. وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ شِرَائِهِ لِلْعِتْقِ وَغَيْرِهِ: فَلَا إشْكَالَ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: أَنَا أُجِيزُ بَيْعَهُ لِلْعِتْقِ. وَالْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِمَا أَقُولُ

[بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ] ١

الثَّالِثُ: بَيْعُ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ اخْتَلَفُوا فِيهِ. وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهِبَهُ. وَهُوَ بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَنَّ الْعَقْدَ صَحِيحٌ. لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَمَنْ مَنَعَ مِنْ بَيْعِ الْعَبْدِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُمْنَعُ كَوْنُ عَائِشَةَ مُشْتَرِيَةً لِلرَّقَبَةِ. وَيُحْمَلُ عَلَى قَضَاءِ الْكِتَابَةِ عَنْ بَرِيرَةَ، أَوْ عَلَى شِرَاءِ الْكِتَابَةِ خَاصَّةً.

وَالْأَوَّلُ: ضَعِيفٌ، مُخَالِفٌ لِلَّفْظِ الْوَارِدِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ. وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - " ابْتَاعِي " وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنَّهُ مُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَكُونَ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، مَعَ جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ. وَيَكُونُ قَدْ ذَهَبَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَيْنِ ذَاهِبٌ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ. وَهَذَا يُسْتَمَدُّ مِنْ مَسْأَلَةِ إحْدَاثِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ.

الرَّابِعُ: إذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ، أَوْ يَفْسُدُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ: أَصَحُّهُمَا: أَنَّ الشَّرْطَ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِرْ إلَّا اشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ. وَالْعَقْدُ تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ: اشْتِرَاطَ الْعِتْقِ، وَاشْتِرَاطَ الْوَلَاءِ. وَلَمْ يَقَعْ الْإِنْكَارُ إلَّا لِلثَّانِي. فَيَبْقَى الْأَوَّلُ مُقَرَّرًا عَلَيْهِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ لَفْظِ الْحَدِيثِ. فَإِنَّ قَوْلَهُ " اشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ " مِنْ ضَرُورَةِ اشْتِرَاطِ الْعِتْقِ. فَيَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ اللَّفْظِ، لَا مِنْ مُجَرَّدِ التَّقْرِيرِ. وَمَعْنَى صِحَّةِ الشَّرْطِ: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ امْتَنَعَ، فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ. وَإِذَا قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ، أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ.

[اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ لِلْبَائِعِ] ١

الْخَامِسُ: اشْتِرَاطُ الْوَلَاءِ. لِلْبَائِعِ، هَلْ يُفْسِدُ الْعَقْدَ؟ فِيهِ خِلَافٌ. وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ لِمَا قَالَ فِيهِ " وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ " وَلَا يَأْذَنُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَقْدٍ بَاطِلٍ. وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ صَحِيحٌ. فَهَلْ يَصِحُّ الشَّرْطُ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ. وَالْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ مُوَافِقٌ لِأَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَسِيَاقِهِ، وَمُوَافِقٌ لِلْقِيَاسِ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ. وَهُوَ أَنَّ الْقِيَاسَ يَقْتَضِي: أَنَّ الْأَثَرَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ السَّبَبُ. وَالْوَلَاءُ مِنْ آثَارِ الْعِتْقِ. فَيَخْتَصُّ بِمَنْ صَدَرَ مِنْهُ الْعِتْقُ. وَهُوَ الْمُعْتِقُ. وَهَذَا التَّمَسُّكُ وَالتَّوْجِيهُ فِي حِصَّةِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ: يَتَعَلَّقُ بِالْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ " وَاشْتَرِطِي لَهُمْ الْوَلَاءَ " وَسَيَأْتِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>