للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٥ - الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِي قَالَتْ: إنَّا نُحَدَّثُ أَنَّك تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قَالَتْ: قُلْت: نَعَمْ، قَالَ: إنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي، مَا حَلَّتْ لِي إنَّهَا لَابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ فَلَا تَعْرِضْنَ عَلِيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلَا أَخَوَاتِكُنَّ. قَالَ عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ: مَوْلَاةٌ لِأَبِي لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ رَآهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ خِيبَةٍ فَقَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ خَيْرًا، غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثٌ رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ]

" التَّبَتُّلُ " تَرْكُ النِّكَاحِ: وَمِنْهُ قِيلَ لِمَرْيَمَ - عَلَيْهَا السَّلَامُ - " الْبَتُولُ " وَحَدِيثُ سَعْدٍ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ مِمَّنْ قَصَدَ التَّبَتُّلَ وَالتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ، مِمَّا هُوَ دَاخِلٌ فِي بَابِ التَّنَطُّعِ وَالتَّشَبُّهِ بِالرَّهْبَانِيَّةِ، إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ: يَقْتَضِي تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُسَمَّى " التَّبَتُّلِ " وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا} [المزمل: ٨] فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْآيَةِ غَيْرَ الْمَرْدُودِ فِي الْحَدِيثِ لِيَحْصُلَ الْجَمْعُ وَكَأَنَّ ذَلِكَ: إشَارَةٌ إلَى مُلَازَمَةِ التَّعَبُّدِ أَوْ كَثْرَتِهِ، لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ، مِنْ الْأَمْرِ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَتَرْتِيلِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ فَهَذِهِ إشَارَةٌ إلَى كَثْرَةِ الْعِبَادَاتِ وَلَمْ يُقْصَدْ مَعَهَا تَرْكُ النِّكَاحِ وَلَا أَمْرٌ بِهِ بَلْ كَانَ النِّكَاحُ مَوْجُودًا مَعَ هَذَا الْأَمْرِ وَيَكُونُ ذَلِكَ " التَّبَتُّلُ " الْمَرْدُودُ: مَا انْضَمَّ إلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ - مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ، وَتَجَنُّبِ النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ، مِمَّا يَدْخُلُ فِي بَابِ التَّشْدِيدِ عَلَى النَّفْسِ بِالْإِجْحَافِ بِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: مَنْعُ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِي هَذَا الْبَابِ وَشَبَهِهِ، مِمَّا قَدْ يَفْعَلُهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَزَهِّدِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>