للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ»

ــ

[إحكام الأحكام]

[حَدِيثٌ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ انْكِحْ أُخْتِي ابْنَةَ أَبِي سُفْيَانَ]

الْخِيبَةُ: الْحَالَةُ، بِكَسْرِ الْخَاءِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَتَحْرِيمُ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ: مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّائِلَةُ لِنِكَاحِ أُخْتِهَا: لَمْ يَبْلُغْهَا أَمْرُ هَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ نِكَاحِ الرَّبِيبَةِ فَإِنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُشْعِرُ بِتَقَدُّمِ نُزُولِ الْآيَةِ، حَيْثُ قَالَ " لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي " وَتَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي النِّكَاحِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَأَمَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ: فَكَذَلِكَ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ وَعَنْ بَعْضِ النَّاسِ: فِيهِ خِلَافٌ، وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ بَعْدَهُ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، غَيْرَ أَنَّ الْجَمْعَ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ: إنَّمَا هُوَ فِي اسْتِبَاحَةِ وَطْئِهَا إذْ الْجَمْعُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ: غَيْرُ مُمْتَنِعٍ اتِّفَاقًا وَقَالَ الْفُقَهَاءُ: إذَا وَطِئَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ لَمْ يَطَأْ الْأُخْرَى، حَتَّى يُحَرِّمَ الْأُولَى بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ تَزْوِيجٍ، لِئَلَّا يَكُونَ مُسْتَبِيحًا لِفَرْجَيْهِمَا مَعًا.

وَقَوْلُهَا " لَسْت لَكَ بِمُخْلِيَةٍ " مَضْمُومُ الْمِيمِ سَاكِنُ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَكْسُورُ اللَّامِ مَعْنَاهُ: لَسْتُ أُخْلَى بِغَيْرِ ضَرَّةٍ.

وَقَوْلُهَا " وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي " وَفِي رِوَايَةٍ " شَرِكَنِي " بِفَتْحِ الشِّينِ وَكَسْرِ الرَّاءِ. وَأَرَادَتْ بِالْخَيْرِ هَهُنَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِصُحْبَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَصَالِحِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأُخْتُهَا: اسْمُهَا عَزَّةُ " بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَقَوْلُهَا " إنَّا كُنَّا نُحَدَّثُ: أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ " هَذِهِ يُقَالُ لَهَا دُرَّةُ " بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْضًا وَمَنْ قَالَ فِيهِ " ذَرَّةُ " بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَقَدْ صَحَّفَ.

وَقَدْ يَقَعُ مِنْ هَذِهِ الْمُحَاوَرَةِ فِي النَّفْسِ: أَنَّهَا إنَّمَا سَأَلَتْ نِكَاحَ أُخْتِهَا لِاعْتِقَادِهَا خُصُوصِيَّةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِبَاحَةِ هَذَا النِّكَاحِ، لَا لِعَدَمِ عِلْمِهَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَذَلِكَ: أَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ اعْتِقَادِهَا التَّحْلِيلَ: اعْتِقَادَهَا خُصُوصِيَّةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاسَبَ ذَلِكَ: أَنْ تَعْتَرِضَ بِنِكَاحِ دُرَّةَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ فَكَأَنَّهَا تَقُولُ: كَمَا جَازَ نِكَاحُ دُرَّةَ - مَعَ تَنَاوُلِ الْآيَةِ لَهَا - جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ، لِلِاجْتِمَاعِ فِي الْخُصُوصِيَّةِ. أَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>